Page 46 - m
P. 46
العـدد 59 44
نوفمبر ٢٠٢3
د.رشا الفوال
تذويت الإنسان في مجموعة
«مدن تأكل نفسها»
لشريف صالح
( قراءة أدبية من منظور نفسي )
أشار الكاتب من خلال قصص المجموعة إلى إنتاج المجتمعات التسلطية
القامعة للآلة الذاتية automatonأو ما نسميه (الإنسان ال ُمتغ ِرب)،
الذي أصبحت أفعاله غريبة عنه ،تحكمه وتقف ضده ،ارتكز الكاتب أي ًضا
على الكيفية التي يصبح بها الاستمتاع بالذات كالاستمتاع بالموسيقى
من خلال إرساء جماليات العيش خارج تعاليم (النحن)؛ وكأن الثورة
على القيود أسلوب حياة ونم ًطا وجود ًّيا ،وأشار إلى طبيعة الذوات التي
تتشكل وف ًقا للممارسات الحقيقية؛ مرتك ًزا على فكرة مفادها أن ما تشكله
الحياة من قيود قد تكون متعار ًضة مع طبيعة الذوات المعنية بالرقي
والجمال.
والأنثربولوجيا في اعتبار»التذويت» صيرورة لا «الذات» في اللغة تعني «صاحبة» ،وذات الشىء
متناهية ،تجعل الأفراد في حال خضوع تام وف ًقا
حقيقته( )1و»الذاتي» اصطلا ًحا هو ما ُينسب إلى
لقوة الضبط المجتمعي الممارس عليهم(.)3 الذات ويتصل بها ويخضع لها( ،)2و»التذويت»
معنى ذلك أن مفهوم التذويت Subjectivation
لغو ًّيا يعني التحول من الموضوعي (العام) إلى
عملية تمايز غير مكتملة الأركان ،وانفتاح على الذاتي (الخاص) ،وهو من المفاهيم المستخدمة
عملية تحويل الإنسان إلى ذات خاضعة للقيم
السائدة من خلال المراقبة والاعتراف وتنظيم في النقد الأدبي الحديث ،ويمكننا اعتباره -أى
السلوكيات ،ووقوعه في فخ عدم اليقين والإحساس
باللامعنى ،وبالتالي التورط في التبعية وما يحمله التذويت -من العناصر الرئيسية في الخطاب
الأدبي سواء على مستوى زاوية الرؤية أو
اللغة ،هذا وتتقاطع كلاسيكيات التحليل النفسي