Page 42 - m
P. 42

‫العـدد ‪59‬‬                                           ‫‪40‬‬

                                                                                                       ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬

                                                 ‫د‪.‬حسن البكور‬

                                                                        ‫(الأردن)‬

        ‫أسميتها مريم لسامرة‬
‫المومني وتراب الغريب لهزاع‬

    ‫البراري مقاربات موضوعية‬

‫لعله مشهد متطابق مع لوحة المومني في فكرة قسوة الحياة والموت المحقق‪،‬‬
       ‫وإن اختلفت الأسباب‪ ،‬مع اختلاف في بنية الحدث الموضوعية‪ ،‬وتوافق‬

    ‫مع الفكرة الجوهرية‪ ،‬من حيث‪ :‬ضيق الحياة‪ ،‬وقسوتها‪ ،‬فالطفولة مهشمة‬
    ‫ومتكسرة وكأنها ألواح زجاجية غير متماسكة قابلة للتشظي في أي وقت‪،‬‬
     ‫وغبار المدينة والصراخ والبكاء والرصاص‪ ،‬تلك مشاهد لا تغيب‪ ،‬ولعلها‬
    ‫تتساوق مع لوحة المومني البعيدة عن الحرب ومشاهدها‪ ،‬ولكنها في ذات‬
‫الوقت لوحة تتقاطع معها في تلك المعاناة الإنسانية بطرائق مختلفة وأساليب‬

                                                    ‫متنوعة‪ ،‬والنتائج واحدة‪.‬‬

   ‫للتعبير عن رؤاه وأفكاره؛ ليشكل في نهاية المطاف‬       ‫تتقاطع الكتابات الأدبية شع ًرا كانت أم نث ًرا‪،‬‬
    ‫تجربته الخاصة التي تحملها الشخوص المختارة‪،‬‬
                                                    ‫وتتداخل فيما بينها أسلو ًبا وطريقة‪ ،‬وفك ًرا وموضو ًعا‪،‬‬
              ‫ويسقط عليها أفكاره وما يصبو إليه‪.‬‬       ‫وتتناص معا بأشكال ظاهرة للعيان‪ ،‬وأحيا ًنا بصور‬
                                                     ‫خفية‪ ،‬قد يقصدها الكاتب ويسعى لها‪ ،‬وقد تأتي عفو‬
‫أسميتها مريم‪ ،‬وتراب الغريب‪ ،‬مقاربات‬                    ‫الخاطر دون قصد‪ ،‬ولعل ذلك نتيجة طبيعية لتشابه‬
             ‫موضوعية‬
                                                    ‫التجارب والأحداث والمواقف‪ ،‬وكل يعبر عنها بمنظوره‬
  ‫الدكتورة سامرة المومني مؤلفة المجموعة القصصية‬     ‫الخاص الناشئ من فكره ومعتقده‪ ،‬وقد تتقارب الرؤى‬
    ‫الموسومة بـ(أسميتها مريم) هي كاتبة معاصرة‪،‬‬
                                                        ‫وتتلاقى في معالجات تلك الأحداث‪ ،‬وقد تتباعد في‬
  ‫تدلف عالم القصص القصيرة برؤى واعدة‪ ،‬وخطى‬          ‫كثير من الأحيان‪ ،‬لكنها تبقى خبرات إنسانية متراكمة‪،‬‬
‫واثقة‪ ،‬تتميز بلغتها الرامزة‪ ،‬وخيالها الخصب‪ ،‬وتحمل‬
                                                       ‫يتأثر فيها اللاحق بالسابق‪ ،‬فيغني تجربته ويثريها‬
 ‫شخوصها كثي ًرا من الهموم والأوجاع والمعاناة التي‬    ‫من محصلة تجارب الأقدمين‪ ،‬ولكنه لا يكرر الآخرين‬
 ‫تجسد أحدا ًثا تجري على أرض الواقع‪ ،‬ولعلها اطلعت‬      ‫بصورة ممجوجة‪ ،‬بل يتأثر بهم‪ ،‬ويولد من أفكارهم‬
 ‫على روايت ْي «الغريب» لألبير كامو و»وتراب الغريب»‬    ‫وموضوعاتهم عالمًا جدي ًدا يعبر عن شخصيته تعبي ًرا‬
  ‫لهزاع البراري‪ ،‬لعلها تأثرت بأحداث الروايتين‪ ،‬إلا‬    ‫حيًّا‪ ،‬ويترك أث ًرا خال ًدا للآخرين‪ ،‬ولعله يتفاعل معهم‬
‫أنها كأي كاتب آخر‪ ،‬لا يعيد تجارب الآخرين ويكررها‬     ‫وينطلق إلى تسيير أحداثه في دائرته الخاصة‪ ،‬وضمن‬
                                                    ‫مساحة محددة يقوم فيها بتشكيل شخصياته الحوارية‬
   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47