Page 52 - m
P. 52

‫العـدد ‪59‬‬                                             ‫‪50‬‬

                                                                                                           ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬

                                           ‫د‪.‬محمد صلاح زيد‬

          ‫سياقات العودة إلى‬
       ‫انتهاكات الماضي في‬
‫ديوان «نصف احتمال للفرح»‬

         ‫للشاعرة «عبير زكي»‬

      ‫تتأرجح الحكاية الشعرية في نصوص الديوان بين الذات الشاعرة‬
   ‫والآخر الافتراضي‪ ،‬فهو تأرجح فني يجعلنا ندرك أن هذه الازدواجية‬
    ‫الحكائية في النص الشعري عبر الصورة تؤشر إلى ذات واحدة‪ ،‬هي‬
  ‫ذات الشاعر‪ ،‬وهي طريقة فنية تساعد المتلقين على الغوص في كوامن‬
  ‫الذات الشاعرة؛ لاكتشافها وتأكيد علاقتها بالكتابة‪ .‬إن وظيفة المنظور‬
   ‫الضعيف‪ ،‬يؤكد حتمية الإبقاء على الأثر ناز ًفا‪ ،‬غير قابل للرتم‪ ،‬فاغ ًرا‪،‬‬

                     ‫صد ًعا مزم ًنا‪ ،‬لا يحتمل المواساة‪ ،‬ولا يقبل الصفح‪.‬‬

‫وانشطار الذات والروح لديها‪ ،‬وتبعث على فوضوية‬                       ‫تقديم‪:‬‬
‫العالم داخل نفسها –أحيا ًنا‪ ،-‬إذ إنها لا تخلصها من‬
                                                     ‫يقدم ديوان «نصف احتمال للفرح» للشاعرة‬
  ‫سديمية الروح وتيه الحياة‪ ،‬بل تعمق لديها سؤال‬
 ‫الهوية الغائبة والذات المنشطرة‪ ،‬فهي تستدعي تلك‬      ‫«عبير زكي»(‪ )1‬حكايات شعرية متعددة‪ ،‬تتضمن‬
                                                        ‫محاولات للخروج من متاهة الحياة‪ ،‬فتقدم لنا‬
  ‫الصور متألمة بتفاصيل المشهد الكلي‪ ،‬عبر مشاهد‬
  ‫شعرية متقاطعة من الحياة واللاحياة‪ ،‬تتجلى فيها‬     ‫الشاعرة عبر أربع وعشرين قصيدة تلك المحاولات‬
‫متاهية الروح والجسد داخله‪ ،‬جاءت مكثفة وموحية‬             ‫البائسة التي تسعى فيها جاهدة للخروج من‬

     ‫من خلال الصور الشعرية التي سجلت عبرها‬             ‫متاهة الحياة‪ ،‬بحيث تبدو وكأنها مرحلة النجاة‬
    ‫الشاعرة هذه الفوضى التي تسكنها‪ ،‬فيتعارض‬           ‫الأخيرة التي ستعيدها إلى الحياة مرة ثانية‪ ،‬لكن‬
     ‫نصها الشعري الحداثي في صوره مع المنطقي‬         ‫الحياة بعدم استجابتها ‪-‬بعض الأحيان‪ -‬لنداءاتها‬
 ‫والعقلاني‪ ،‬وهذا التعارض ينتج عن خرق المألوف‪،‬‬       ‫المتكررة‪ ،‬تبعث داخلها مجد ًدا حالات تغييب الهوية‬
   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57