Page 73 - m
P. 73

‫‪71‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫القصة‬

  ‫الإجابات متاشبهة؟ ضحكت ج ًّدا من كل خلية في‬         ‫تمر كل يوم من نفس الشارع‪ ،‬لا أعرف السبب‪،‬‬
   ‫صدري‪ ،‬كاد الضوء أن يبهرني لولا أنني أعرف‬           ‫غير أني رغبت في هذا بشدة‪ ،‬ربما يشعرون مثلي‬
                                                      ‫أن هناك أشياء لا بد من أن تلحق بهم قبل فوات‬
      ‫مسب ًقا أن هذه الإضاءات ستنطفي فيما بعد‪،‬‬
‫ومشيت حائ ًرا فيما أفكر وفيما يفكر الآخرون عني‬           ‫الأوان‪ ،‬والموت الذي يطاردني‪ ،‬وبكيت بشدة‪.‬‬
‫وفيما أريدهم أن يفكروا به عني‪ ،‬ضحكت ثانية لأن‬
                                                                     ‫(‪)5‬‬
                 ‫دهشتني كانت في طرح السؤال‪.‬‬
                      ‫المشهد الأول من الحكاية‪:‬‬        ‫وأنت جالس أمام التلفاز تشاهد الإحصائيات في‬
                                                      ‫عدد الوفيات وعدد المصابين وتشعر بكل جسدك‬
‫نعم كنت حائ ًرا فيمن سيروي عني بعد موتي‪ ،‬وفي‬         ‫خار ًجا عن إرادتك‪ ،‬ولا يستجيب لك ولا تملك غير‬
    ‫الحكاية نفسها التي س ُتروى‪ ،‬وهل أنا أستحق؟‬       ‫تقليب القنوات بالريموت‪ ،‬والتسلية قلي ًل‪ ،‬تجد أن‬
    ‫وجدت نفسي لا أفعل شيئًا غير طرح الأسئلة‪،‬‬           ‫المرأة تحتل الجزء الأكبر من شعورك بالارتياح‪،‬‬
      ‫تركت الميكروفون ونزلت من فوق الدرج من‬           ‫تشاهد امرأة تغني‪ ،‬أخرى ترقص‪ ،‬امرأة في فيلم‬

  ‫المنصة‪ ،‬لأجلس مع الجمهور أشاهد ما سيقال ثم‬            ‫عربي‪ ،‬امرأة في فيلم أجنبي‪ ،‬هي الطمأنينة منذ‬
    ‫أعقب‪ ،‬ولكن هل سيتركني أحد أعقب أم أكتفي‬         ‫فتحت عينيك على الدنيا ضمتك‪ ،‬تتوق لهذا الحضن‬
      ‫بالمشاهدة؟ فإن صاحب الحكايه يرى ضوءه‬
           ‫الخاص ومن يقرأها يراها كما يحلو له‪.‬‬         ‫وتهرب من هذا الشعور المبهم بالتعب والرفض‪.‬‬
                                ‫ناقد سينمائي‪:‬‬
                                                                     ‫(‪)6‬‬
‫عندما صعد الدرج وجلس إلي المنصة‪ ،‬نظر لوجهي‬
    ‫بتأمل ووصف تفاصيلي التي تعجبه‪ ،‬قال‪ :‬إنني‬           ‫أحاول الترويح عن نفسي بالمشي في الشوارع‪،‬‬
                                                           ‫يؤلمني وجود الأماكن العامة مغلقة والمحال‬
  ‫وسي ٌم ج ًّدا ولي شعر أسود فاحم‪ ،‬وإنني ممشوق‬                ‫التجارية وتوقف كافة الأنشطة الثقافية‬
 ‫القوام مع أنني كاتب ليس إلا‪ ،‬أخبرهم أنني أكتب‬
 ‫كلمات تجسد الصورة وكأنها حية‪ ،‬كنت لا أعرف‬           ‫والاجتماعية والرياضية‪ ،‬أعرف أنني لم أتابع هذه‬
                                                    ‫الأشياء بشكل جيد‪ ،‬لكن وجودها كان يبعث الفرح‬
                       ‫هذا عن نفسي أب ًدا‪ ،‬وقال‪:‬‬
      ‫‪ -‬يجب أن يهتم وسيم بالزمان والمكان أكثر‪.‬‬         ‫في نفسي‪ ،‬خطرت في بالي فكرة مجنونة‪ ،‬لماذا لم‬
    ‫أستمع باهتمام لما يقول‪ ،‬وآخذ في حسباني كل‬        ‫أتزوج سري ًعا مثلما يفعل الناس في هذه الظروف‪،‬‬
    ‫كلمة‪ ،‬ذكر أي ًضا المشاهد التي أسردها متتتالية‪،‬‬    ‫يصيبني الهلع من عدم مواصلة الحياة‪ ،‬وشرعت‬
       ‫في روايتي الأخيرة‪ ،‬وصفق الناس ثم تبادل‬       ‫في موضوع الزواج‪ ،‬لأن هناك امرأة تفتقد رج ًل في‬
                                                    ‫هذه الظروف‪ ،‬هل تقبلني مع كبر سنِّي وترضيني‬
                            ‫الميكروفون مع آخر‪.‬‬      ‫مع أنها لم تكن طموحي يو ًما ما‪ ،‬ونقيم زفة تجوب‬
                                    ‫ناقد أدبي‪:‬‬
                                                       ‫الشوارع والميادين؟ ولا يهم بعدها أن أعيش أو‬
   ‫هذا الرجل وصف كل كلمة أكتبها على أنها جزء‬         ‫أموت‪ ،‬فإن عشت سوف أضحك على سخفي الآن‪،‬‬
    ‫أصيل في حياتي أكتب عنه‪ ،‬مع أنه لا يعرف في‬
  ‫الحقيقة هل حدث هذا أم لا‪ ،‬وتمني لو كنت معهم‬                      ‫وإن مت سأموت في حضن امرأه‪.‬‬
     ‫في هذا اليوم‪ ،‬صدمني حديثه‪ ،‬فلقد كنت معهم‬
     ‫بالفعل‪ ،‬وأضاف أنني أكتب من زاوية مغايرة‬                 ‫لا تكفيني المشاهدة‬
    ‫للأحداث‪ ،‬كان الكلام عا ًّما‪ ،‬فلو أنه خ َّص بعض‬
 ‫أعمالي بالحديث لكان أفضل بالنسبة لي‪ ،‬وذكر أنه‬                                        ‫بداية النص‪:‬‬
 ‫يحبني من أعماق قلبه‪ ،‬مع أنه لم يخبرني ولا مرة‬              ‫لم تحدث الدهشة مرتين في نفس الحدث‪..‬‬
                                                     ‫قلت لهم هذه الجملة وتركتهم يفكرون‪ ..‬ترى هل‬
                                ‫حين كنا نلتقي‪.‬‬          ‫وفق أحدهم إلى الإجابة؟ ولو وفق هل ستكون‬
                                     ‫ناق ٌد ها ٍو‪:‬‬

 ‫لقد استمتعت بكتابة أستاذ وسيم وهذا ما جعلني‬
   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77   78