Page 90 - m
P. 90
العـدد 59 88
نوفمبر ٢٠٢3
في البناء الروائى شخصيات الرواية .الكل يريد الاحتفاظ به كمس ِّكن
شكل الرواية شكل الوجود ومأوي وعزاء ،لكن في الحدود الأدني للوجود
البشري ،ومن هنا أحبت كل شخصيات القصة
يقوم البناء الفني للرواية على منطق السيرة الذاتية
الروائية أو الشكل السيري ،حيث يحكي كل طرف أكثر من شخصية في وقت واحد ،وهو في الحقيقة
مسلك عابر يجسد احتياج المغترب الجسدي إلى
من الأطراف الخمسة الذين قامت عليهم بنية العزاء والسلوي إلى جسد الأنثي ،وقد طرحت
الرواية من وجهة نظره الخاصة باحثًا عن أناه
وهويته ساعيًا سعيًا جهي ًدا إلى فهم ذاته (اعرف الرواية على طوال مسارها مسألة الخيانة الزوجية
نفسك بنفسك) ،فسؤال الأنا هو الهم الوجودي والجنسية من منظور أخلاقي جديد ،فهي لا تراها
المركزي في الرواية وهو سؤال عبر ثقافي عاب ًرا
بين المرجعيات الثقافية والاجتماعية والحضارية خيانة بالمعني التقليدي الضيق المتزمت بقدر ما
تراها نزو ًل على الحاجات الطبيعية للجسد المحروم
المكبوت ،فالخيانة هنا ليست مسألة جسدية تتحدد
بحدودها الجسدية الضيقة حيث يكون الشرف
مسألة جسدية بيولوجية ،بل هي مسألة ثقافية
اجتماعية يحددها المسار العملي السلوكي للإنسان
والمجتمع ،بحيث يكون جسد الأنثي ممث ًل ثقافيًّا
لجسد المجتمع كله وليس شيئًا خا ًّصا يخص
الأنثي وحدها ،ومن ثمة لم تعتذر جميع شخصيات
الرواية ع َّما اقترفته من ممارسات الحب والجنس،
فقد مثلت لهم جميعا شفا ًء من مرض أخلاقي
وديني متعسف ،يطالب الإنسان بالعفة التامة في
عالم خا ٍل من كل عفة ،عالم لا يتيح الحد الأدني
للشرط الإنساني ،ثم يطالب الإنسان بكل فضيلة،
ولعل هنا تكمن أعماق الرذيلة.
وعلي الرغم من أن عنوان الرواية تقريري وبسيط
يتناول موضوع الحب باستخدام تعبير شائع مثل
«الكل يقول أحبك» ،إلا أن القصة تؤكد على العكس
من ذلك ،فقدان معني الحب بالمعني الوجودي
الخ َّلق ،إذ يصيح الحب منطقة شائكة حين يصعب
فهمه أو الوصول إليه .وتتساءل الشخصيات عن
ماهية الحب وصعوبة الإحساس به .فكمال وناهد
على سبيل المثال يصعب عليهما تسميته ويطلقان
عليه أحيا ًنا الحب الممكن ،وعندما يتلاشي الحب
بينهما يستبدلانه بنوع من الصداقة والألفة التي
تأتي مع العشرة .ويبدو أن أوجاع الروح وأوجاع
الغربة متداخلان في الرواية ،يربطهما عالم مشترك
وهو الحب عن بعد ،سواء أكان بين الأزواج أو بين
الأفراد وأوطانهم ،فكل شخصيات الرواية هاجروا
إلى كندا أو أمريكا لأسباب مختلفة ويعاني معظمهم
من نضوب علاقتهم بالشريك.