Page 91 - m
P. 91
نون النسوة 8 9 المتعددة ،حيث تتقلب ذوات الشخصيات بين الشك
والتردد والتأمل والقلق وتشظي الروح والجسد
الحكايات بين شخصيات خمسة تحكي جميعها
همومها الذاتية في علاقتها بالعالم من خلال ضمير والبوح والاستبطان الذاتي والتعري السيكولوجي
والعاطفي والجنسي ،وهي المقومات التي تميز بنية
المتكلم العليم وهم :الدكتور كمال المصري أستاذ التخييل الذاتي والسيرة الذاتية الروائية ،مما أضفي
الأدب المقارن والدراسات الاستشراقية ،والدكتور
كريم ثابت أستاذ الإعلام ،والدكتورة نورهان عبد على السرد حيوية جمالية باذخة وتعد ًدا أسلوبيًّا
مات ًعا ووفرة تأويلية متراحبة.
الحميد ،والفوتوغرافية والمصورة دانيا سليمان،
والمترجم والإعلامي بسام الحايك ،جميعهم فعبر أسلوب (تعدد الأصوات) الفوكنرى :نسبة
إلى الناقد والكاتب الروائي وليام فوكنرُ ،تشيِّد
يتناوبون الحكي على طريقة تعدد الأصوات من مي التلمساني عالمها الروائي الرصين متناوبة
وجهة نظرهم الخاصة ،فيسردون بضمير المتكلِّم
حيواتهم وعلاقاتهم الإنسانية المتقاطعة المتداخلة
كاشفين عن أحوالهم وآمالهم وآلامهم ومخاوفهم.
جامعين بين همومهم في بلادهم التي هاجروا منها
وهمومهم في البلاد التي هاجروا إليها ،وما بين
المهجرين تتخلق حيوات بينية عابرة جديدة خلقت
هذه البوليفونية السردية البنائية المحكمة الموازي
التخييلي والمعرفي لصيغة حيواتهم الجديدة في كندا
وأمريكا وكافة دول الشتات.
لقد توزعت البنية السردية عبر فصول خمسة:
فخصصت الساردة فصلين للرجال وفصلين
للنساء والفصل الأخير أفردته لشخصية بسام
الحائك ،وهو في الحقيقة ليس وق ًفا على السرد
الذكوري الخاص ببسام الحايك بل هو فصل جامع
بين قلق النساء والرجال م ًعا ،الرجل بوصفه قسي ًما
للمرأة وقلق المرأة بوصفها قسيمة للرجل ،وهو
فصل بديع هدم كل الثنائيات المركزية التقليدية
المعتادة بين الرجل والمرأة ،الشرق والغرب ،الماضي
والحاضر ،ليتولي فيه السارد الذاتي الأنثوي
العليم موقعية السارد الذكوري العليم ،وهو ابتكار
سردي ماتع أن يتولي الرجل الحديث عن همومه
بوصفها همو ًما أنثوية كما تتولي المرأة الحديث عن
هموم الرجل بوصفها همو ًما نسوية .بما ينقض
فكرة الذكورة والأنوثة بوصفهما بنية بيولوجية
جسدية مرتفعة بها إلى مستوى إنساني حضاري
وجودي بديع .بما يهدم الفكرة التقليدية الراسخة
بين عالم الأنثي وعالم الرجل لينصهرا م ًعا في
عالم إنساني وجودي واحد قادر على ابتكار صيغة
أخرى للوجود الإنساني ،قائمة على العبور الروحي
والتخييلي والنفاذ المرهف اللطيف والقدرة على
الصهر والاندماج.