Page 96 - m
P. 96

‫يقوم البناء الفني للرواية على‬
                                                          ‫منطق السيرة الذاتية الروائية أو‬
                                                          ‫الشكل السيري‪ ،‬حيث يحكي كل‬
                                                         ‫طرف من الأطراف الخمسة الذين‬

                                                              ‫قامت عليهم بنية الرواية من‬
                                                        ‫وجهة نظره الخاصة باح ًثا عن أناه‬

                                                          ‫وهويته ساع ًيا سع ًيا جهي ًدا إلى‬
                                                         ‫فهم ذاته (اعرف نفسك بنفسك)‪،‬‬

                                                            ‫فسؤال الأنا هو الهم الوجودي‬
                                                           ‫المركزي في الرواية وهو سؤال‬
                                                           ‫عبر ثقافي عابًرا بين المرجعيات‬
                                                           ‫الثقافية والاجتماعية والحضارية‬

                                                                                    ‫المتعددة‪..‬‬

  ‫الخيانات الزوجية العابرة منطقها الجزئي الفردي‬          ‫به في بعض الحالات على العكس من طريقة تناوله‬
   ‫لتدين الجسد المجتمعي والحضاري برمته‪ ،‬وهي‬                                                ‫التقليدية»(‪.)13‬‬
   ‫رؤية سردية تأملية تعيد تفكيك مفاهيم الأخلاق‬
   ‫التقليدية الساكنة الجامدة‪ ،‬فلا ترى شرف المرأة‬           ‫لقد احتفت رواية (الكل يقول أحبك) بلغة الجسد‬
  ‫محصو ًرا في بقعة جسدية صغيرة تسكن حناياها‬             ‫بوصفه معاد ًل سرد ًّيا رمز ًّيا للعالم والحياة والوطن‬
 ‫بل هو شرف الجسد المجتمعي والحضاري برمته‪،‬‬               ‫واللغة‪ ،‬فهي تهدم الفكرة الثنائية الضدية بين الروح‬

      ‫وإن أي انتهاك لعقل المرأة وروحها وحاجاتها‬             ‫والعقل والجسد‪ ،‬حيث لا فكر ولا عقل ولا روح‬
     ‫الإنسانية الضروية هو انتهاك لجسدها وذاتها‬              ‫دون جسد وتجسيد‪ ،‬وهنا تهدم الرواية العلاقة‬
  ‫ووجودها كله‪ .‬تقول الساردة الأنثوية العليمة على‬          ‫الأخلاقية الكلاسيكية بين الجسد والأخلاق‪ ،‬نرى‬
‫لسان بسام الحايك في الفصل الأخير من الرواية «لا‬            ‫هذا في عدم اعتذار جميع شخصيات الرواية عما‬
  ‫أتصور أني سأكتشف صنو ًفا أخرى من كرامات‬                 ‫ارتكبوه من خيانات زوجية في علاقاتهم الجنسية‬
     ‫الجسد‪ ،‬لكني أحتاج للغريبة لتقود دفة العلاقة‬
     ‫ولو لزمن قصير‪ ،‬أنقاد لها بيسر وبلا مقاومة‪،‬‬               ‫العابرة رغم وجود زوجاتهم معهم‪ ،‬نرى هذا‬
 ‫محل ًقا في سماء الرغبة أحيا ًنا‪ ،‬ساق ًطا في بئر اليأس‬      ‫الإحساس مكر ًرا على طوال البناء الفني للرواية‬
  ‫أحيا ًنا أخرى‪ ،‬حتى تنتهي العاطفة كما بدأت بيسر‬         ‫ومع جميع الشخصيات رجا ًل ونسا ًء‪ ،‬ولعل في هذا‬
     ‫بهدوء بلا خدوش ولا ندوب‪ ،‬أعرف أن روحي‬                 ‫المنطق الجسدي لا التجريدي الجديد لمعني علاقة‬
   ‫تنطفئ كل حين‪ ،‬وتعود لتزهر في حب جديد‪ ..‬لم‬                ‫الجسد بالخلق يؤكد أن منطق الشرف الإنساني‬
     ‫أعد أنصت لتأنيب الضمير‪ ،‬ولم أعد أعتذر عن‬             ‫يتعدي بكثير الحدود البيولوجية الجنسية للجسد‬
   ‫تلك الذنوب الصغيرة‪ ،‬فثمة ذنوب فادحة ارتكبت‬           ‫ليطال العقل والروح والحاجات الإنسانية الضرورية‬
                                                             ‫للوجود‪ ،‬ففي غياب هذه الحاجات الأساسية لا‬

                                                              ‫معني للخلق ولا للجسد‪ .‬ومن هنا تعدت هذه‬
   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101