Page 109 - merit 47
P. 109

‫نون النسوة ‪1 0 7‬‬                                       ‫تمثل هذه الصورة ‪-‬المتماهية‬
                                                       ‫مع العمة‪ -‬اقترا ًحا منسج ًما مع‬
  ‫تتداخل صور الحقيقة مع الخيال بد ًءا من العنوان‬       ‫روح الاعتراض على القوالب الثابتة‬
‫الذي يسبق اسم كاميليا بالأطياف‪ ،‬والطيف هو تلك‬         ‫والحدود المرسومة سلفا للحياة‪ ،‬بمعنى‬
                                                      ‫أن الحقائق لم تعد تملك الحضور الواضح‬
    ‫الحالة التي تتشارك فيها الحواس بين الصحوة‬          ‫الواثق المهيمن في السرد ما بعد الحداثي‪ ،‬فلم‬
   ‫والنوم‪ ،‬هذه الأطياف دليل الحياة الواهنة الهشة‬        ‫توضح الرواية انحيا ًزا لفعل على آخر‪ ،‬كما أنها‬
‫التي اكتشفت كاميليا فيما بعد بأنها محض سراب‪:‬‬          ‫منحت جميع شخصياتها ذات الدرجة من التعاطف‪،‬‬
                                                      ‫وهي درجة إنسانية تفهم هشاشة الإنسان وضعفه‬
     ‫«ذات يوم رآها أبوها تحدق في المرآة‪ ،‬نادى‬
   ‫عليها مرات عدة فلم تنتبه‪ ،‬جذبها من ذراعها‬               ‫أمام نفسه أو ًل‪ ،‬والمحيط ثانيًا «فمفهوم العالم‬
 ‫وهو يعتصره بعنف‪ ،‬سألها ع َّما تفعل فأخبرته‬              ‫الحقيقي بات مرتب ًكا وملتب ًسا لان عالمي الحقيقة‬
 ‫بأنها تنتظر عودة عمتها‪ ،‬كان ينظر لها بخوف‬
 ‫وهي تحكي مرة أخرى حكاية عمتها التي ذابت‬                                           ‫والمظاهر آفلان»(‪.)7‬‬

     ‫في المراة أمامها‪ ،‬كانت تحكيها بآلية وصدق‬
                                       ‫أرعباه»‪.‬‬

 ‫عكست المرآة حالة التوحد التي اقتنعت بها كاميليا‬
   ‫الابنة‪ ،‬توحدها وتماهيها مع قصة العمة‪ ،‬وجدت‬
       ‫أنها نسخة ثانية وأن ذات الروح المتمردة قد‬
  ‫سكنتها‪ ،‬كان البعد لهذا التماهي رمز ًّيا وانعكاسه‬
   ‫على حياة الفتاة جاء عبر تعاطف عميق مع قصة‬
    ‫عمتها التي كانت تتابعها بشغف عبر مذكراتها‪،‬‬
    ‫هذه المذكرات ذاتية تتحدث عن علاقتها بالرجل‬
   ‫الذي أحبته وردود أفعال أهلها بعدما عرف الأب‬
    ‫ذلك‪ ،‬تمر العمة بجملة مصاعب واتهامات ونبذ‪،‬‬

‫قبل أن تتزوج جمال الرجل الطيب كما تصفه «كان‬
‫الشعور بالذنب واض ًحا في عيني جمال‪ ،‬وفكرت‬

     ‫أنه بالفعل رجل طيب‪ ،‬وأنه تحملني كثي ًرا‪،‬‬
   ‫شعرت أنني فعلت معه ما فعله أبي مع أمي‪.‬‬
   ‫ربما لو ذهب سأكتشف أنه الشخص الوحيد‬

                  ‫الذي أحبني في هذا العالم»(‪.)8‬‬

   ‫الاختلاف (صورة كامليا الابنة)‬

  ‫تتخذ الرواية نقطة استبدال واضحة بين التماهي‬
       ‫مع العمة المخطئة بنظر المجتمع‪ ،‬وبين التميز‬

‫والتقدم عليها‪ ،‬كاميليا الصغيرة كانت أكثر ذكا ًء‪ ،‬لذا‬
‫عرفت كيف تترك مرآة عمتها العاكسة التي توهمت‬
‫فيها بهوية مغايرة‪ ،‬اعتمدت على تعاطف عميق وعلى‬
 ‫تشابه في الشكل‪ ،‬استطاعت بعد خروجها من مرآة‬

            ‫العمة أن تجد هويتها الخاصة المختلفة‪.‬‬
      ‫ولعل انعكاس كاميليا العمة وتماهي الابنة في‬
 ‫مرآتها إنما هو إعلان مضمر لتشابه الحيوات التي‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114