Page 114 - merit 47
P. 114

‫العـدد ‪47‬‬         ‫‪112‬‬

                                                                                               ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬  ‫د‪.‬سحر محمد فتحي‬

     ‫«أطياف الكاميليا»‪..‬‬
‫بين الكينونات الضائعة‬

       ‫والأطياف الحاضرة‬

    ‫فستا ًنا أبيض لم تره عليها من قبل‪ ،‬اعتادت‬                                                  ‫الحضور والغياب‪ ،‬المُعلن والمُضمر تتشكل‬             ‫عبر ثنائيات‬
    ‫رؤيتها بالعباءات السوداء حتى بدا الأبيض‬                                                       ‫بنية رواية «أطياف الكاميليا» وترتسم‬
   ‫شاه ًقا عليها‪ ،‬ثم رأتها تمسك بالمقص الكبير‪،‬‬
‫وببساطة‪ ،‬تجز الضفيرة من أعلى رأسها‪ .‬شهقت‬                                                       ‫أبعاد شخصياتها وتتكشف أحداثها‪ ،‬بهذا‬
 ‫وتراجعت للوراء‪ ،‬فرأتها تقترب منها‪ ،‬وضعت‬                                                          ‫الاقتباس تفتح الرواية عالمها «لا شأن‬
‫الضفيرة في يدها‪ ،‬وقبلتها على وجنتها‪ .‬وضعت‬                                                          ‫لما ُيرى فكل الشأن لما لا ُيرى» الأمير‬

      ‫المقص على المائدة‪ ،‬ثم ذابت في المرآة وسط‬                                                  ‫الصغير (أنطوان دي سانت أكزوبيري)‪،‬‬
   ‫الحيًّاض ُموءج» َّس ًداص ُم‪9‬ل‪.‬غ ًزواكاومميليخاي ًفاه فييالابحناة أضخريةهاح َسضِمويَّتًراها‬   ‫ليصبح كل الشأن للمضمر الذي لا ُيرى‬
                                                                                                ‫في عالم شخصيات الرواية‪ ،‬وحده البوح‬
     ‫الصغيرة كاميليا «في الصف الأول الثانوي‪،‬‬                                                   ‫يكشفه‪ ،‬ووحدها كاميليا التي لا ُترى هي‬
    ‫أصبحت أقرب شب ًها بها من أي وقت مضى‪،‬‬
                                                                                                       ‫مبدأ هذا البوح الكاشف ومنتهاه‪.‬‬
      ‫ظهرت عمتها من جديد في ملامحها‪ ،‬كانت‬                                                             ‫كاميليا هي البطلة الغائبة المختفية الحاضرة‬
     ‫أمها تنظر إليها في وجل‪ ،‬تنقل نظرها بينها‬                                                       ‫حضو ًرا قو ًّيا مزدو ًجا على مدار الرواية؛ فهي‬
  ‫وبين صورتها‪ ،‬يفزعها التشابه‪ ،‬ويطمئنها أي‬                                                       ‫الحاضرة في ذاكرة شخصيات عالمها المحيط بها‪،‬‬
  ‫اختلاف تظهره في الشخصية أو طريقة الكلام‬                                                         ‫لم تسقط من مخيلتهم رغم تباعد الزمن وقسوة‬
                                                                                                   ‫وغموض وألم اختفائها «تتابعها وهي ترتدي‬
   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119