Page 119 - merit 47
P. 119

‫نون النسوة ‪1 1 7‬‬                                          ‫تقوى على الاندماج فيها «العمل في المدرسة‬
                                                        ‫كان بمثابة العقاب لي‪ ،‬لا أحبه ولا يحبني‪،‬‬
  ‫أمامها في أثناء صفعاته لها‪ .‬ومثلهم جمال أرادها‬     ‫يكرهني التلاميذ والزملاء‪ ،‬خافت الصوت قليل‬
   ‫طي ًفا لا شخصية مفعمة بالحياة والتحقق‪ ،‬فرغم‬       ‫الثقة‪ ،‬لا أجرؤ على النظر في عيون تلامذتي ولا‬
   ‫إعجابه بكل هذا‪ ،‬فقد أراد َوأْ َده حتى لا يفكر أن‬     ‫معاقبتهم‪ ،‬أردد الدرس بطريقة آلية‪ ،‬أنتهي‬
    ‫يمتلكها غيره «اعتقدت أن تغييرها لصالحي‪،‬‬             ‫منه فألملم أوراقي وكراريس التلاميذ وأعود‬
‫وأن تغير شكلها‪ ،‬وزيادة عصبيتها سيجعلانها‬                 ‫لغرفة المدرسين» ص‪ .139‬كان زواجها منه‬
  ‫مل ًكا لي وحدي‪ ،‬بعد أن توقفت نظرات الرجال‬            ‫استسلا ًما منها‪ ،‬لا بسبب صفعات أبيها المتتالية‬
   ‫عن ملاحقتها‪ ،‬واختفت نظرات الاندهاش من‬              ‫وإنما فقط بسبب دموعه التي انهمرت لأول مرة‬

    ‫زواج من هي مثلها بمن هو مثلي‪ ،‬لكن يبدو‬
‫أنها لم تتغير من الداخل‪ ،‬لا تزال روحها معلقة‬

  ‫بالمدينة الكبيرة التي لم أزرها سوى مرتين‪..‬‬
   ‫صرخت ف َّي بأنها حرة‪ ،‬وبأنني لو لم أدعها‬
   ‫وشأنها «ستطفش من البيت» نهائ ًّيا‪ ،‬ولن‬

          ‫نعثر لها على أثر» ص‪.155 -154‬‬
 ‫وحدها كاميليا من قاومت التأقلم‪ ،‬كانت تعي‬

    ‫خطورته‪ ،‬لكنها لم تقو كذلك على التحرر‬
      ‫من قيودها‪ ،‬كانت وسيلتها في المقاومة‬
 ‫اليأس والاستسلام‪ ،‬لم ترد أن تحيا كطيف‬
  ‫عابر مثل جميع المتأقلمين مع قيودهم من‬
  ‫حولها‪ ،‬ذلك الوعي الذي منحته لابنة أخيها‬
    ‫«عندما أنظر إلى وجهك أرى وجه عمتك‪،‬‬
    ‫لكن ليس هذا ما يفزعني‪ ،‬أكثر ما يفزعني‬
  ‫هو نظرتك التي تذكرني بنظرتها‪ ،‬هذه الرغبة‬
   ‫المتأججة في الذهاب بعي ًدا‪ ،‬في الهرب إلى عالم‬
‫آخر‪ ،‬عدم القدرة على التأقلم مع الواقع‪ ،‬ورفض‬
    ‫الحياة التي نعرفها» ص‪ .74‬كانت عمتها من‬
‫منحتها القدرة على الإحساس بالقيد وقيمة التحرر‬
     ‫منها‪ ،‬وكانت خيوط قصتها التي أخذت تمسك‬
     ‫بها وتتعقبها خي ًطا تلو الآخر هي التي منحتها‬
   ‫حريتها وتحققها‪ ،‬فقد كانت «عمتها تزداد بها ًء‬
    ‫بعد كل حكاية من حكاياتهم عنها‪ .‬ودت لو‬
 ‫تتسلل إلى أعماق عمتها‪ ،‬أن تدخل تحت جلدها‬
  ‫لتعرف ما كان يدور في قلبها وعقلها‪ ،‬تستعيد‬
  ‫ما قالته أمها وهي جالسة في مكانها لا تتحرك‬

       ‫لساعات طويلة‪ ،‬ترى وجه أمها مش َّو ًها‪،‬‬
 ‫قسوة غريبة طفحت على هذا الوجه الذي رأته‬
   ‫طي ًبا طوال عمرها‪ ،‬كيف تتغير ملامح الناس‬
  ‫عندما يكشفون عن أعماق روحهم‪ ،‬عن مكنون‬

                               ‫قلوبهم» ص‪.113‬‬
        ‫قاومت كاميليا الصغرى الوضعين‪ :‬التأقلم‬
   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124