Page 118 - merit 47
P. 118
العـدد 47 116
نوفمبر ٢٠٢2
وهي تجلس أمامي كالملكة ،تحتل حي ًزا ضخ ًما تعمقت طيفية «ناصر» عبر سلسلة متواصلة من
في القلوب والأمكنة ،بلا جهد ولا استحقاق.. الاعتياد والتأقلم والمضي قد ًما في حياة طبيعية
أسوأ شيء هو التظاهر بمحبت ِك لأحد ،المحبة
معقدة ،التظاهر بها لا يؤذي من حول ِك ،بل تشبه حيوات الجميع ،لكنها لا تشبهه ولا داعبت
يؤذي ِك أنت ،ويقتطع من روح ِك» ص« ،92كل أحلامه ،وعبر سلسلة متسارعة من تحقق كاميليا
مرة ينشر لها تحقيق أو تحقق إنجا ًزا ،كن ُت في عالمه المنشود المفقود «أعرف أنك لم تعرفيني
أتلاشى من الداخل ،أكاد أسمع دقات قلبي كات ًبا ،لم تريني سوى رجل انطوائي لا يتحدث،
في أذني ،والضغط على رأسي يزداد فلا حشاش كما يقولون وكما تفكرين ،هل تعرفين
أستطيع رفع عيني إليها» ص.102
لم يكن حبيب كاميليا «الرسام» سوى طيف متى بدأت بتدخين الحشيش؟ في نفس اليوم
عابر الحضور أي ًضا في عالمها ،يستطيع الذي نشرت فيه عمتك مقالها الأول في مجلة
التأقلم مع كل قيد يفرض عليه ،انتظرته
أن يفعل شيئًا ينقذ به حبهما ،يتمسك، «نصف الدنيا» ،عادت إلى البيت تحتضن
بها لكنه لم يفعل ،كان التأقلم خياره المجلة وكأنها تطير ،أرته لي ولأبي ،لم أقرأ
«كأنك لم تعش حز ًنا وتفتقد ح ًّبا. المقال حتى ،باركت لها وتركتها تريه لأبيها
هل تعرف ما الغريب؟ الغريب الذي دمعت عيناه سعادة وهو يرى صورتها
أنني لم أشعر بأي شيء ،ولا الصغيرة منشورة بجوار المقال ،سعادة لم أرها
أي ذرة مشاعر تجاهك ،تبدد على وجهه وهو يقرأ كتا ًبا كام ًل لي» ص.67
الحب كأن لم يكن ،وبدوت كان تحقق كاميليا وحضورها الحقيقي الطاغي
لي مجرد رجل مسكين يقف ثقي ًل على طيف ناصر الحاضر حضو ًرا ه ًّشا،
في معرض فارغ أمام لوحة يخفي بالكاد عبر طيفه ضياع كينونة كان الأجدر
رديئة» ص ،172ولم يكن حبها بها «كيف كنت تعتقدين أنني تقبلت كل ما تلا
الأسطوري له سوى الوجه ذلك؟ عمتك التي لا تملك نصف موهبة ،ينشر
المتمرد على حرمانها حق اكتشاف لها كل أسبوع مقال في مجلة مشهورة ..لكن هل
ماهية حبها وحقيقة حبيبها ،فمع تعرفين أكثر ما ضايقني يا كاميليا؟ أن جدك
كل حرمان تتعمق قصة الحب في كان فخو ًرا ج ًّدا ،يحتفظ بالأعداد ويجلِّدها في
مخيلتها وتزداد أسطورية وسح ًرا مجلدات زرقاء فخمة ،مكتوب عليها اسمه بماء
وتزداد تعل ًقا بها ،ولم يكن ذلك سوى الذهب ،يقرأ تحقيقاتها بتمعن ويناقشها فيها،
تعلق بعالمها الحقيقي وكينونتها المتحققة فيه، يتركها تتأخر كما تريد وتسافر وقتما تريد..
وهو ما أدركته في النهاية «كنت قد وصلت إلى كنت أجلس في محل صالح أدخن الحشيش،
حقيقة أن حبك لم يكن أعظم ما حدث لي كما وأتذكر حياتي السابقة التي بدت كحلم بعيد،
كنت أتخيل ،ولكن الأوان قد فات على إصلاح
أي شيء ،حتى هذا الاعتراف في حد ذاته كان أتخيل شقيقتي تحل محلي الآن في مقهى
يزيدني حز ًنا ،حياتي كلها ضاعت بسبب الحرية ،وأفكر كيف تتصرف .بالتأكيد اندمجت
أكذوبة عشتها وغرقت فيها ،لم يكن أمامي كعادتها أكثر مني ،بالتأكيد تستمتع بكل شيء»
سبيل سوى الاستمرار في اللاعيش ،واللاحياة» ص.69
ص.162 بينما كان حضور كاميليا وتحققها ثقي ًل على
ناصر ،كان حضورها ينهش في روح زميلتها
لم يختلف زوجها «جمال» عمن حولها من «نادية» التي زوجتها لأخيها «كانت المدللة،
المتأقلمين ،كان استكما ًل لهذه السلسلة التي لا وصاحبة البيت ،والأجمل والأكثر ذكا ًء ،كنت
بجانبها خف َّية لا أُرى ،مجرد طيف يتحرك من
حولهم ،يغسل الصحون وينظف المائدة ويربي
الأطفال ،خادمة بلا أجر في بيت لا تنتمي إليه،