Page 116 - merit 47
P. 116
العـدد 47 114
نوفمبر ٢٠٢2
في عالم كاميليا «أطياف» ،وحده البوح هو الذي على هذا النحو كانت بنية النص الروائي بنية
يظهر أنواتهم الضائعة ،هو الذي يكشف عن متشابكة متداخلة تتعدد فيها الأصوات لكنها
تتمركز حول كاميليا ،فمن خلال الحضور القوي
تحققاتهم المدفونة بقوة القيد ،جميعهم لا يقاومون لطيف كاميليا وعبر محاولات فك خيوط قصتها
ولا يحاربون ولا يتمردون ولا يتحررون من أجل تتكشف شخصيات عالمها الذي يتداخل مع عالم
َس ِميَّتِها الصغرى ،فنرى عبر تقنية البوح الوجه
حقهم في الحياة ،هم فقط يتأقلمون فيتحولون الآخر المُضمر للشخصيات وما يعتريهم من
إلى «طيف عابر» .أدركت كاميليا هذا في شخصية مشاعر وأحاسيس أمام الحضور الطاغي الحقيقي
والدها ،فقد كانت قيوده عليها وعلى أخيها امتدا ًدا لكاميليا ،فجميعهم يتحولون أمام حضورها في
لتأقلمه وتقبله واعتياده إلى الدرجة التي يفقد فيها
أدنى إحساس بوطأة القيد «أشعر بأنه لم يعش الحياة إلى أطياف.
حياته التي كان يتمناها ،وأ َّنه مر كطيف عابر، «كطيف عابر» يكون مصير المتأقلمين ،أولئك الذين
تذكرت يوم جلسنا في الشرفة م ًعا ذات صباح، لم يشبعوا من الحياة أو يتعمقوا فيها ،الشخصيات
وفهمت سر الشفقة التي اعترتني تجاهه ،الحب
الذي لم أتمكن من تفسيره وقتها .حزنت لأنه
لم «يشبع» من الحياة أو يتعمق فيها .أخذها
من على السطح ،واكتفى بنصيبه القليل منها،
مستسل ًما لكل يوم يمر بلا فرادة ،سائ ًرا مع
السائرين في سكون» ص.83
كانت طيفية أخوها ناصر تزداد وتشتد
مقابل ازدياد توهجها وحضورها
وتحققها وتمسكها بأحلامها،
فمع تأقلمه مع قيوده واعتيادها
تحولت العلاقة الحانية
الصادقة في حياة كاميليا مع
أخيها رأ ًسا على عقب «كاميليا
صديقتي الوحيدة ،أمر كل يوم
لاصطحابها من مدرستها،
نتمشى قلي ًل بجوار سور
مستشفى الحميات ،نقلب
في فرشات الكتب والمجلات
القديمة ،أشتري كتا ًبا أو
رواية جيب ،وتشتري
هي مجلة النجوم أو
الشباب ،كانت تجمع
صور وملصقات الفنانين في
كشكول خاص ،وتكتب كلمات
الأغاني بجوار الصور ،أضحك
وأنا أرى حماسها بإيجاد نسخة قديمة من
المجلة لم تقرأها من قبل .نعود إلى المنزل،
نجلس على الطبلية