Page 117 - merit 47
P. 117
بنية متشابكة متداخلة تتعدد فيها
الأصوات لكنها تتمركز حول كاميليا، الدائرية أمام الشرفة ،نحل الواجب
فمن خلال الحضور القوي لطيف م ًعا ،أساعدها في حل المسائل الرياضية
التي تكرهها ،وأس ِّمع لها أبيات الشعر
كاميليا وعبر محاولات فك خيوط ومعاني الكلمات ،ثم نجلس في الشرفة،
قصتها تتكشف شخصيات عالمها
نراقب السائرين ،ونمزح بشأن كل
الذي يتداخل مع عالم َس ِم َّي ِتها شيء .كانت قوية الملاحظة سريعة
الصغرى ،فنرى عبر تقنية البوح البديهة» ص.56
الوجه الآخر ال ُمضمر للشخصيات وما تمثلت «كينونة» ناصر الضائعة في هذا
العالم الذي انتمت إليه كاميليا بكل كيانها
يعتريهم من مشاعر وأحاسيس
وتعلقت به وحققت فيه إنجازات ،كان
أمام الحضور الطاغي الحقيقي يجدر أن يحقق أضعافها لو أنه أدرك
لكاميليا ،فجميعهم يتحولون أمام مصير المتأقلمين مع القيود «على الرغم
حضورها في الحياة إلى أطياف. من تواجدي الدائم فإنني كنت طي ًفا
عاب ًرا في نفس الوقت ،أغادر قبل أن
تبدأ السهرة وتزداد حماسة الكلام،
أطلقوا عل َّي اسم «ناصر قطار» لتعللي
الدائم بمواعيد القطارات ،واضطراري
بأحلامي إلى هذه الدرجة .جزء مني كان يوافقه للمغادرة فجأة» ص ،59كانت قيود أبيه تلاحقه
على ما يقول ،كنت مهت ًّزا ،أجبن من أن أبدأ حياة لم يفكر يو ًما في الفكاك منها ،بل إنه اطمأن وارتاح
جديدة بعيدة ،وأضحي بأخرى مستقرة هنا إليها رغم كراهيته الدفينة له «لم أكن أتحمله
في كنفه كما عشت دائ ًما ،اكتشفت أنني منافق ولا أتحمل سلوكياته ،أسمع بأذني سخرية
وأحمق ،وأنني لم أكن شي ًئا مما تخيلته» ص62 الجميع منه ،الرجل الكبير ذو الساق الخشبية،
المحارب العظيم الذي يغازل الفتيات البائعات
.63 الصغيرات ،ويشتري منهن بضعف الثمن.
عبر «ناصر» انتمت كاميليا إلى عالم أحلامه ،فمنذ يسخر مني الصبية من أولاد الجيران فلا أرد،
تحمر أذناي وألومه في سري ،هو السبب في
ذهابها معه لاستلام جائزة مسرحيته الأولى عزلتي وأنني لم أمتلك أصدقاء حقيقيين طوال
والأخيرة تراجع هو وأقدمت هي ،تخ َّل هو عمري .كنت منعز ًل في المدرسة والشارع».
بينما تمسكت هي «تسلمت الجائزة في احتفال
بسيط في مركز الهناجر ،كانت المرة الأولى التي ص.55
يقبل فيها أبي أن تسافر عمتك معي .لكنه لم عبر البوح وحده الذي فجرته مذكرات كاميليا
يأت ،بدت كاميليا منبهرة بالأجواء ،عرفتها كشف «ناصر» عن طيفه الحاضر مقابل كينونته
على بعض أصدقائي ،جلست بجوارهم بينما الضائعة ،أعلن عن المُضمر الذي لا ُيرى «سحبت
صعدت أنا لتسلم جائزتي ،بعد الاحتفال كانت نف ًسا عمي ًقا ،وجلست أمامه لأخبره بما أفكر
قد تعرفت على نصف الموجودين ،بينما وقفت
أنا صام ًتا في جنب ،وبدت وكأنها هي الفائزة فيه ،وبالمسرحية التي كتبتها ،وأحلامي
وليس أنا ،أتابعها وهي تمازح هذا وتتحدث بالانتقال إلى القاهرة والعمل هناك .كان رد
فعله متوق ًعا ،لكنني مع ذلك شعرت بإحباط
كبير وهو يسألني عن جدوى كل ذلك ،لم أتمكن مع ذاك ،ولوهلة بدت نسخة من الفتيات
اللاتي تعودت على رؤيتهن في المقاهي ،بعينين من الرد ،لم أعرف ما يجب عل َّي قوله ،أكثر ما
ضايقني اكتشافي لجبني ،وأنني لم أكن متمس ًكا متسعتين ،وصوت مرتفع» ص.64