Page 110 - merit 47
P. 110
العـدد 47 108
نوفمبر ٢٠٢2
تمرعبر واسطة عاكسة ،وهي العمة كاميليا في تعيشها الفتيات في ذات الظرف ،كل فتاة ممكن أن
هذه الرواية ،التي وجدت فيها ابنة الأخ ،تشار ًكا تكون العمة كاميليا وتذوب مثلها في المرآة فتعيش
مصير ًّيا وعاطفيًّا من حيث العلاقة مع المحيط ،أي
رفض الجنوح الأنثوي في هذا المنزل ،ومع ذلك حياة لا روح فيها ،وربما تنتهي أيضا بالهرب
فإن هذه الرواية لا تجعل من المرأة ضحية لوحدها أو الموت أو الاختفاء ،إلا أن الوعي حين يختلف
بل الرجل نفسه عبر الأب الذي كان سعي ًدا بابنته
الصحفية كاميليا ،ويلبي كل مطالبها ويفرح برؤية ستختلف الصور ،ستعكس المرآة هذه صورة
اسمها مطبو ًعا في الصحف ،وكذلك الأخ الذي كان الشخص على وفق ما يختار هو من نمط حياة وما
يشاركها الأحاديث وبقي يشعر بالذنب تجاهها،
ينتج من وعي لذاته.
فالرجل والمرأة سواء في الوضع المقلق الذي «قام لاكان في مشروعه لإعادة تفسير فرويد
أحاطتهم به الأعراف الاجتماعية .لكنهما اضط َّرا بالتوسع في دراسة الجوانب المثيرة للخلاف في
للرضوخ إلى قيود المجتمع رضو ًخا منكس ًرا حزينًا هوية النفس أو الذات ،فالوعي بالنفس لا يظهر
حسب ما تصفه الرواية ،فالأب الذي يصفع ابنته إلا في مرحلة المرآة»( ،)9المرآة التي تعكس صورة
كان يبكي عليها ،فيما لازم الإحساس بالذنب الأخ عن أصل الإنسان ضمن مسافة ما ،يمكن تبنيها
نفسيًّا وتخ ُّيل انعكاس صورة الإنسان في ذهنة
طوال حياته.
تتغير هوية كاميليا الصغيرة ،عبر تبدل وعيها
بنظرتها إلى ذاتها ،فلم تعد تشعر أنها وعمتها في
طريق واحد مشترك «عندما عبرت بوابة كلية
الفنون التطبيقية ،لأول مرة ،شعرت بأنها
تعبر إلى عالم مختلف ،تما ًما كما ذابت
عمتها في المراة أمامها»(.)10
كانت أذكى من العمة واستطاعت أن
تمسك خيوط حياتها بيديها ،فيما
استسلمت الأولى للحب دون تفكير،
وقفت هي من كريم موقف الحذر
وفرت منه حين أصبحت أسيرة
سيطرته ،وبينما استسلمت العمة
للزواج من جمال دون قناعة أو إرادة،
رفضت هي الارتباط بمحمد حين وجدت
أن الموضوع لا يقنعها« :شعرت أنها أكثر
إدراكا وتمكنت شي ًئا فشي ًئا من استعادة
إحساسها بالموجودات ،بدأت وكانها تمتص
الحياة من كل شيء حولها،على كاميرتها،
تخزنها وتستعيدها كل مساء قبل أن تنام»(.)11
تبدو المرآة وسيلة لتأمل الإنسان لنفسه ،ولعل
من يطيل النظر فيها وتستهويه صورته المعكوسة
سيقع في شباك النرجسية ،عكست كاميليا الابنة
نرجسيتها عبر قصة العمة الجميلة الفاتنة التي
وجدت أحيا ًنا أن جمالها كان سببًا في شقاء حياتها،