Page 105 - merit 47
P. 105
نون النسوة 1 0 3 يسيطر على جسمه ،ثم واصل السير إلى بيت أمه،
وصعد السلالم الرطبة التي يتخفف برائحتها
وحضورها وقوتها .أن تعود إلى ذاتها القديمة
والأولى .هي فقط محاولة ساكنة ،لكنها تستحضر من همومه الحالية؛ لأنها سلالم منزل الأم الذي
نشأ وتربى فيها ،ونال فيه أول شعور بالأمان
داخل الشخصيات هدوء أرواحهم.
إن حداثة النص الروائي الجديد لدى الروائية «نورا والحب والاحتواء .بينما «كاميليا» كانت تبرر
تركها للمنزل لأسابيع برغبتها باستعادة نفسها
ناجي» تنبع من كونها تتجاوز الإطار الزمني
للنص إلى إطار آخر يتصل بالرؤية التي يصدر القديمة في بيتها الأول أي ًضا بيت الأسرة الذي
عنها ،وببنيته ،وبأبعاده ،فنصها يؤسس للبحث نشأت وكبرت ونالت فيه أول شعور بالأمان
والهيام والرفض والتحول والانشقاق والتمرد والحب والحنان .وهنا يتضح أن منزل الأسرة
والتجاوز ،يبعث على خلق التساؤلات المتعددة في الأول ،هو المعادل الموضوعي والملاذ الآمن الذي
لجأت إليه الشخصيات لتتخفف من أثقال كبيرة
ذهن المتلقي. تحملها على عاتقها ،ولتنال قس ًطا كبي ًرا من الشعور
ختا ًما لقد جاءت رواية «أطياف كاميليا» للروائية بالراحة والأمان والهدوء والطمأنينة .وكأنها رغبة
ملحة في العودة إلى السيرة الأولى ،حيث التغلب
«نورا ناجي» لترصد تناقض النفس البشرية، على بؤس الحياة الذي يقتضي إعادة خلق كل
والصراع الكامن فيها بين الخير والشر ،وهزيمة شيء قديم وفطري في الحياة الأولى كان باعثًا
الذات وانكسارها ،ومتاهات الحيرة والبحث عن على الراحة والأمان والهدوء والطمانينة من جديد،
تلك الذات الغائبة والاغتراب والتيه بين حقيقتي وتشكيل كافة مفردات العالم والحياة الآنية وفق
الغياب والحضور .لقد تصاعدت الحكاية السردية منطق العودة إلى البدايات المطمئنة والجذور الآمنة
والهادئة؛ اعتما ًدا على رغبة ذلك الفنان المأزوم
داخلها في بيئة حقيقية ونفسية متخيلة متوترة الذي هو وحده يعرف كيف يصلح شئون هذا
رافضة لعبث الحياة من حولها ،فطرحت الكاتبة من العالم المأزوم .وهكذا من خلال هذا المقطع السابق،
خلال تلك الحكايات السردية المتداخلة هموم الذات تقتنع الكاتبة بأن أفضل طريقة للاستمرار في هذه
الدنيا ،هي أن تعود إلى ما يكون جوهر فرديتها
الإنسانية ممزوجة بتجربة الحياة على المستويين
الإنساني والقيمي ،لقد تأثرت الذوات بكافة الصور
من حولها ،فتارة تسعى للتخلى عن فوضويتها،
وتسعى للخلاص والاندماج شيئًا ما ،وتارة أخرى
يكون التعثر والقلق
الهوامش:
-1انظر ،عبد الله شطاح ،تسريد الذات بين الرواية والسيرة الروائية ..المرجع والمتخيل ،مجلة عالم الفكر،
المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ،الكويت ،العدد ( ،)171يناير– مارس 2017م ،ص.15
.29 p ,1966,Gerard de Nerval, Les illumines, in Oeuvres, Classiques Garnier -2
-3انظر ،عبد الله شطاح ،تسريد الذات بين الرواية والسيرة الروائية ..المرجع والمتخيل ،مرجع سابق ،ص.15
-4نورا ناجي ،أطياف كاميليا( ،رواية) ،دار الشروق ،القاهرة ،ط (2019 ،)1م.
-5انظر ،عبدالله العروي ،مفهوم العقل ،مقالة في المفارقات ،المركز الثقافي العربي ،ط (2001 ،)3م ،بيروت،
ص.12
-6عبد القادر بن سالم ،بنية الحكاية في النص الروائي المغاربي الجديد ،دار الأمان ،الرباط ،المغرب ،ط (،)1
2013م.185 ،