Page 125 - merit 47
P. 125

‫نون النسوة ‪1 2 3‬‬

                                                               ‫ذاتها‪ ،‬وجدت نفسها تدخل‬
                                                               ‫في علاقات كثيرة بحثًا عن‬

                                                               ‫التحرر‪ ،‬والخروج من قيد‬

                                                               ‫عائلتها‪ ،‬وتحقيق الحلم‬

                                                               ‫المنشود‪ ،‬لكنها أدركت في‬
                                                               ‫النهاية أن تخلُّ َصها من‬
                                                               ‫علاقة هشة هو خلاصها‬

                                                               ‫وبوابتها للعالم الجديد‪،‬‬

                                                               ‫فقامت بفسخ خطبتها‪،‬‬

                                                               ‫وشجعها أبوها على ذلك‪،‬‬

                                                               ‫وكان هذا أولى محطاتها‬

                                                               ‫إلى السفر للقاهرة‬

                                                               ‫‪-‬مثلما فعلت عمتها من‬

                                                               ‫قبل‪ -‬والتعرض لمجريات‬

                                                               ‫الحياة فيها والالتحاق‬

‫رضوى عاشور‬  ‫إيمان مرسال‬                             ‫أروى صالح‬    ‫بالجامعة‪ ،‬إلى أن مات‬
                                                               ‫أبوها فجأة وشعرت بما‬

     ‫لموقفها‪ ،‬وبحثًا عن إجابة لاختفاء العمة وعدم‬               ‫شعرت به عمتها في السابق‬
   ‫القدرة على العثور عليها مجد ًدا‪ ،‬بعد أن أجبرها‬
 ‫الأب على الزواج والتوقف عن السفر إلى القاهرة‪،‬‬      ‫فيما يخص مأساة غياب الأب في صمت‪ ،‬وأدركت‬
‫وتمثل الكتابة هنا وسيلة من وسائل التعافي‪ ،‬وفهم‬
  ‫الذات ومساءلتها في الوقت نفسه‪ ،‬إلى أن وصلت‬        ‫هي الأخرى أنها كانت تحبه وهو كان يحبها لكن‬
    ‫إلى يد كاميليا الصغيرة ووجدت فيها ضالتها‪،‬‬
‫واختارت أن تقرأها بعي ًدا عن العيون‪ ،‬كأنها تحاور‬    ‫بطريقته الخاصة التي تمردت هي عليها كثي ًرا‪ ،‬إلى‬
‫من خلالها العمة وتستمع إلى إجاباتها فيما يخص‬        ‫أن شعرت بالفراغ الذي تسبب فيه رحيله المفاجئ‪.‬‬

                    ‫موقفها من الحياة والمجتمع‪.‬‬      ‫وتتداخل دوائر العنف وانعكاساتها في مظاهر‬

                                                    ‫كثيرة تمثل بؤرتها حياة كاميليا العمة ثم كاميليا‬

                                                    ‫الصغيرة‪ ،‬وتشكلها أوراق العمة التي حرصت‬

                                                    ‫على تسجيل تجربتها‪ ،‬في شكل رسائل لحبيبها‬

                                                    ‫القاهري‪ ،‬تصف فيها معاناتها مع أسرتها وأحلامها‬

            ‫(‪)4‬‬                                     ‫وشغفها بالفنون وخاصة فن التصوير‪ ،‬لما يمثله‬

    ‫يلعب الموقف من الزمن دو ًرا فاع ًل في مجريات‬    ‫من وسيلة لتثبيت الحياة عند نقطة معينة وإعادة‬
       ‫الأحداث والسرد‪ ،‬وفيما شغل ذهن البطلتين‬
                                                    ‫قراءتها مرات ومرات‪ ،‬وأحيا ًنا فهمها بشكل مختلف‬
     ‫وموقفهما تجاه الحياة‪ ،‬حيث تبحث العمة ‪-‬في‬       ‫أو مساءلتها‪ ،‬وانتقل هذا الشغف بالفنون إلى ابنة‬
‫محاولة بائسة‪ -‬من خلال محرك البحث الإلكتروني‬
                                                    ‫الأخ أي ًضا لكن عبر الاهتمام بالرسم والالتحاق‬
     ‫عن إجابة لسؤال (ما الزمن؟)‪ ،‬نتيجة انشغالها‬     ‫بكلية الفنون التطبيقية‪ ،‬وهي محاولة لتقديم شكل‬
    ‫بفعله فينا وأثره في تغيير حياتنا‪ ،‬وربما نتيجة‬
    ‫احتفائها به أي ًضا وبأهميته في تشكيلنا‪ ،‬وتنتقل‬  ‫آخر للحياة‪ ،‬يتماشى مع نصيحة أمها لها بألا‬
 ‫هذه الحفاوة بالزمن وإدراك أهميته إلى شخصيات‬
    ‫أخرى داخل الرواية‪ ،‬مثل (جمال) المدرس الذي‬       ‫تصدق الصور فـ»خلف كل صورة قصة لم تر َو‪،‬‬
  ‫تزوج العمة وهي لا تحبه‪ ،‬لكنها وافقت عليه فقط‬                 ‫وصراعات لا تنتهي»‪.‬‬

                                                    ‫وفي مواجهة كل دوائر العنف التي أعيد إنتاجها‬

                                                    ‫احتمت كاميليا الصغيرة بمذكرات‪ /‬أوراق عمتها‬

                                                    ‫بوصفها نو ًعا من أنواع التحصين الذاتي والتعزيز‬
   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129   130