Page 126 - merit 47
P. 126

‫الزمن كما تصوره العمة "لا يترك‬
‫شي ًئا في حاله‪ ،‬الزمن يحول كل شيء‬
 ‫إلى الأسوأ‪ ،‬يدفعنا دائ ًما للأمام الذي‬

     ‫لا نريده‪ ،‬ويمنعنا من العودة إلى‬
    ‫الخلف الذي نشتهيه"‪ ،‬وفيه علقت‬

      ‫العمة حتى النهاية‪ ،‬لم تستطع‬
  ‫الرجوع إلى حياتها السابقة‪ ،‬نتيجة‬
‫تغير إدراكها لها‪ ،‬ولم تستطع كذلك‬
   ‫أن تمضي قد ًما‪ ،‬فقد علقت في زمن‬

      ‫ما ٍض‪ ،‬لا يعكس لها إلا مشاهد‬
  ‫مكررة‪ ،‬تصيبها جميعها بالتشظي‬

                   ‫والانقسام والاغتراب‪.‬‬

    ‫ذهن كل الشخصيات‪ ،‬لم يستطع أحد أن ينسى‬               ‫نزو ًل على رغبة أبيها‪ ،‬حيث نجده يصف الزمن‬
 ‫أثرها‪ ،‬بداية من أخيها وزوجته وكاميليا الصغيرة‪،‬‬       ‫بأنه «يغير كل شيء‪ ،‬يضيف طبقات من الاعتياد‬
                                                     ‫على قلوبنا‪ ،‬ويعيد تكوين الحياة أمام أعيننا‪ ،‬القرب‬
      ‫حتى (جمال) الزوج المغلوب على أمره‪ ،‬وتظل‬        ‫يجعل الصورة تبدو أكثر وضو ًحا‪ ،‬ترى النغبشات‬
  ‫صورتها حاضرة في المرآة لابنة أخيها‪ ،‬وحاضرة‬
   ‫في أوراقها‪ ،‬وفيما التقطته من صور‪ ،‬حاولت من‬            ‫الدقيقة عليها‪ ،‬التي لا نراها بسبب الافتتان في‬
‫خلالها تثبيت الحياة عند نقطة معينة وخاصة داخل‬              ‫البدايات»‪ ،‬وهذا ما أراد أن يشرحه لكاميليا‬
‫أجواء القاهرة‪ ،‬حيث «لا تزال روحها معلقة بالمدينة‬
  ‫الكبيرة»‪ ،‬ولا تزال تشعر بعدم الانتماء لا للمكان‬      ‫الصغيرة في تسجيله الصوتي الذي أعطاها إياه‪،‬‬
  ‫أو الزمان‪ ،‬وأنها تلك المرأة التي تنتقل ملكيتها من‬    ‫عندما سألته عن عمتها وسبب غيابها‪ ،‬فأراد أن‬
 ‫رجل إلى آخر دون شعور بالانتماء أي ًضا‪ ،‬وهو ما‬        ‫يؤكد لها ضرورة استمرار الحياة‪ ،‬واحترام فعل‬
‫واجهته ابنة أخيها‪ ،‬لكنها تمردت عليه واختارت أن‬
   ‫تحتضن المدينة الكبيرة ولا تستسلم لوحدتها أو‬                ‫الزمن وإعطائه الفرصة لترميم ما حدث‪.‬‬
                                                          ‫والزمن كما تصوره العمة «لا يترك شيئًا في‬
                                       ‫اغترابها‪.‬‬        ‫حاله‪ ،‬الزمن يحول كل شيء إلى الأسوأ‪ ،‬يدفعنا‬
   ‫ويرتبط بطيف العمة تكرار حلم كاميليا بالهرب‪،‬‬          ‫دائ ًما للأمام الذي لا نريده‪ ،‬ويمنعنا من العودة‬
  ‫فـ»كل ليلة يتكرر الحلم نفسه‪ ،‬ترى نفسها أسفل‬         ‫إلى الخلف الذي نشتهيه»‪ ،‬وفيه علقت العمة حتى‬
‫بنايتها‪ ،‬تحمل حقيبة صغيرة لا تحوى سوى حذا ًء‬            ‫النهاية‪ ،‬لم تستطع الرجوع إلى حياتها السابقة‪،‬‬
 ‫أحمر وكاميرا‪ ،‬تنظر إلى الشرفة فترى أباها وأمها‪،‬‬         ‫نتيجة تغير إدراكها لها‪ ،‬ولم تستطع كذلك أن‬
                                                       ‫تمضي قد ًما‪ ،‬فقد علقت في زمن ما ٍض‪ ،‬لا يعكس‬
      ‫يناديانها بلهفة‪ ،‬يطالبانها بالعودة‪ ،‬تبكي أمها‬   ‫لها إلا مشاهد مكررة‪ ،‬تصيبها جميعها بالتشظي‬
   ‫بحرقة‪ ،‬ترى وجهها مري ًضا ونحي ًفا‪ ،‬توشك على‬
   ‫الاستسلام والعودة‪ ،‬لكنها تنقل بصرها للشرفة‬                                  ‫والانقسام والاغتراب‪.‬‬
                                                         ‫وطيف العمة حتى بعد غيابها يظل حاض ًرا في‬
   121   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131