Page 128 - merit 47
P. 128

‫العـدد ‪47‬‬   ‫‪126‬‬

                                                    ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬

   ‫طيف العمة نفسه‪ ،‬حيث لم تعد كاميليا الصغيرة‬          ‫وتقولبها في قوالب ثقافية واجتماعية وسياسية‬
‫ترى إلا نفسها وصورتها الجديدة التي تكونت عبر‬          ‫محددة سل ًفا‪ ،‬تمردت عليها كاميليا وقبلها عمتها‪،‬‬
                                                      ‫بد ًءا من التمرد على بيت «يأكل ساكنيه»‪ ،‬وصو ًل‬
   ‫خبراتها الخاصة وتجاربها‪ ،‬بما لا ينكر أو ينفي‬     ‫إلى التمرد على تصورات المجتمع حول عدم مقبولية‬
  ‫دور العمة وتمردها في التأثير على كاميليا‪ ،‬وحتى‬
   ‫دور مأساتها وما تسببت فيه من تيه للصغيرة‪،‬‬                          ‫سفر البنت إلى القاهرة وحدها‪.‬‬
 ‫انتهى بقبول العالم بما يتيحه لنا من اختيارات مع‬
                                                          ‫في النهاية رغبت كاميليا الصغيرة في أن تفك‬
    ‫التمسك بأمل تغييره‪ ،‬وبذل الجهد لتحقيق ذلك‪.‬‬
 ‫في النهاية‪ ،‬تحمل رواية (أطياف كاميليا) ظلا ًل من‬          ‫قيودها بمساعدة عمتها؛ لأنها الوحيدة التي‬
   ‫مساءلة القيود بكل أشكالها‪ ،‬سواء المفروضة من‬
                                                      ‫اختبرت ما مرت به الطفلة وما واجهته من قيود‪،‬‬
   ‫العائلة‪ ،‬أو حتى القيود الأكبر المفروضة من قبل‬
    ‫المجتمع والعادات والتقاليد‪ ،‬وأغلبها يضع المرأة‬      ‫كان «جسمها يبدو مسكو ًنا بروح أخرى تتوق‬
  ‫في زاوية من المحاولات المتكررة للدفاع عن النفس‬          ‫للتحرر‪ ،‬كلما ضاقت بها الدنيا تذكرت قصة‬
   ‫ووجهة النظر الأنثوية والتحرر‪ ،‬بما يعكس مدى‬
  ‫تشظي الذات الأنثوية وسط عدد كبير من الصور‬         ‫ولادتها‪ ،‬والقيد الذي فكته عمتها عن عنقها‪ ،‬وتمنت‬
    ‫النمطية‪ ،‬ومآل كل هذا وعلاقته بما يصيبها من‬
                                                    ‫لو تظهر مرة أخرى وتفك قيودها الحالية من حول‬
                      ‫وحدة واغتراب وعدم انتماء‬
                                                         ‫جميع أطرافها‪ ،‬لو تعود من المرآة وتنقذها‪ ،‬أو‬
                              ‫هوامش‪:‬‬                ‫تأخذها معها إلى داخلها»‪ ،‬و ُتظهر لنا الرواية شك ًل‬
                                                    ‫آخر للتحرر أكثر ذكاء وحساسية‪ ،‬وهو التحرر من‬
     ‫‪ -1‬صدرت الرواية عن دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
                                         ‫‪.2019‬‬       ‫طيف العمة الذي لازم كاميليا طوال حياتها‪ ،‬وأ َّرق‬
                                                       ‫ذهنها بالسؤال حول سبب اختفائها ومصيرها‪،‬‬
‫‪ -2‬صدر الكتاب عن دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪.2020 ،‬‬
                                                     ‫فهي تقول في نهاية النص‪« :‬لاحظ ْت أنها منذ زمن‬
                                                    ‫بعيد لم ت َر طيف عمتها في انعكاسها»‪ ،‬وهذا يضعنا‬

                                                      ‫أمام تساؤل حقيقي حول مدى تأثير طيف العمة‬

                                                        ‫على ابنة أخيها‪ ،‬وأي ًضا جدوى تحررها منه هو‬
                                                      ‫ذاته‪ ،‬في محاولة لكسر كل أشكال القيد‪ ،‬بما فيها‬
   123   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133