Page 182 - merit 47
P. 182
العـدد 47 180
نوفمبر ٢٠٢2 بالنسبة لي ،فكان الاستمتاع
بالفول السوداني والصويا
قلي ًل هذه المرة ،أم أن أجمع زملائي للعب .كانت في سندرة المنزل .هناك أي ًضا
تعابيرها لم تكن بالوضوح تسأل عن دراستي وعن رأس السنة ،وإطلاق الألعاب
المعتاد ،بل كانت قاتمة، العيش مع أبي ،لكنني كنت النارية ،وارتداء الملابس
نبأتني بشيء مشؤوم. استخف بالأمر باعتباره الجديدة ،ومغادرة المنزل؛
بعد بدء الدراسة بفترة كلها أمور أحبها .كان للحياة
قصيرة ،تسلمت خطا ًبا من حديثًا روتينيًّا لدرء الفراغ مع أمي في الديار دائ ًما وقع
أمي «الجو مشمس اليوم. المعتاد في القرية ،فأضن السعادة والراحة .لكن الوداع
ذهبت إلى مشفى المدينة لأرى
الطبيب ،لم يصف الدكتور عليها بالكلمات ،وأنا لا أزال دائ ًما ما يباغتنا خلسة،
تشو لاو دوا ًء ،أتمنى ألا أفكر في اللعب .تمر الأيام والسعادة دو ًما قصيرة
يكون سرطا ًنا» .فجأة ،طنين مع أمي سريعة ،سريعة الأمد .فسرعان ما أنتقل
الصوت دوى في رأسي، من أم أربعة وأربعين طلي ًقا
«سرطان» تلوت الكلمة في بحق .انقضت العطلة ،حيتني في الريف ،لأصير حيوا ًنا
عقلي ،والتف العالم من حولي. أمي واصطحبتني إلى محطة صغي ًرا حبي ًسا في المدينة.
بعد بضعة أيام ،وصلت في إحدى الإجازات الصيفية،
أمي إلى المدينة .وصلت الحافلات .كان يخالجني ُعدت إلى الديار ،وعندما
بوجه شاحب ،لا تملك بسمة شيء من الحزن عند الوداع وصلت إلى باب المنزل وجدته
ودعابة الماضي ،بل قلبًا كل مرة ،لا أريد مغادرة أمي، مغل ًقا ،فانتظرت أمام الباب.
ُمثق ًل .حضرت أمي المريضة، سرعان ما أخبرني أحدهم
أما تلك المرأة النشيطة، أو حتى أصدقائي .عندما أن والدتي عادت ،فأسرعت
الحيوية ،والسعيدة كانت قد وصلت الحافلة ،نظرت إلى للقائها وأنا أصرخ فر ًحا.
كانت ترتدي على رأسها
اختفت. وجهها الوهن وأردت أن عمامة بنية اللون وملابس
أُودعت أمي في المشفى .كنت أقول لها :دعيني أبقى ،لكنني زرقاء ،وتحمل في يدها سلة
أفكر في مرضها بشدة طوال خيزران؛ لم تب ُد سعيدة ،وفي
لم أفعل ،صعدت الحافلة في ذلك اليوم تنبهت أن أمي قد
وقت الدراسة .ذات يوم صمت. هرمت .حينها آلمني قلبي
بعد ثلاثة أشهر ،استدعتني بشدة ،كانت دو ًما متفائلة،
انطلق محرك السيارة بقوة، تمتلك ما لا ُيحصى من
مديرة المدرسة قائلة إنها وبدأت تندفع تدريجيًّا. القصص والنكات .لكن بات
تلقت للتو مكالمة هاتفية، الآن من الصعب أن تضحك
وإن والدتي في حالة حرجة، أنظر إلى أمي خارج النافذة، مرة واحدة .والآن ،كلما
وتريد مني الإسراع في واقفة هناك بمفردها ،لوحت أتأمل ذلك الوقت :لعلها كانت
العودة .عندما وصلت إلى مريضة منذ ذلك الحين.
المشفى ،كانت قد دخلت لي مودع ًة ،بوجه خال من
«غرفة الطوارئ» ،مع أنبوب التعابير ،بينما يغمر عينيها لم أعتقد أنها مريضة،
أكسجين في فتحتي أنفها. حزن عميق .تتحرك الحافلة لطالما كانت في عيني مفعمة
في مساء تلك الليلة ،توفيت. بالحيوية والسعادة والصحة
كان عمري ثلاثة عشر عا ًما للأمام ،وعيني ما زالت أب ًدا .كنت أطير في كل صوب
موجهة صوب الوراء .أصبح
حينها. مشهد أمي وهي تلوح بيدها
هكذا تعاظمت المسافة بين يختفي تدريجيًّا ،حتى توارت
والدا َّي ،انفصل طاقتي اليين
عن نظري .فكرت فيها
وهي تعود بمفردها خطوة
بخطوة إلى القرية تحت أشعة
الشمس؛ فكرت في غرف
المنزل الأربع الخاوية حيث
تأكل أمي وحدها ،وتنام
وحدها ،ودموعها تسيل على
خديها .هل أبدو ح َّسا ًسا