Page 187 - merit 47
P. 187

‫‪185‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

   ‫هو فعل المقاومة‪ ،‬والتمرد‪،‬‬      ‫مفهوم الرفض‬                      ‫ـــــدة الرفض‬
‫والرغبة في الانفلات الروحي‬                                         ‫ـــد فؤاد نجم‬
                                    ‫تنوعت مفاهيم الرفض‬
  ‫من القهر في مقابل مواجهة‬          ‫في الثقافة العربية عامة‬
   ‫الظلم‪ ،‬والاستبداد الثقافي‪،‬‬     ‫وفي الشعر العربي القديم‬
                                   ‫والحديث بخاصة‪ ،‬حيث‬
     ‫والاجتماعي والسياسي‬       ‫جاءت المعاجم العربية حافلة‬
        ‫والإبداعي‪ ..‬وغيرها‪.‬‬         ‫بمعان متعددة للرفض‪،‬‬
                                     ‫ونلاحظ ذلك في معجم‬
‫فالرفض إذن في ظني «يشير‬         ‫لسان العرب حيث أورد ابن‬
    ‫إلى مقاومة الإرادة لدافع‬   ‫منظور مفاهيم لغوية متنوعة‬
                               ‫للرفض فيقول‪« :‬الرفض‪ ،‬هو‬
  ‫معين‪ ،‬أو رفضها التصديق‬         ‫ترك الشيء‪ ،‬تقول رفضت‬
   ‫بالأمر أو تأييده والانقياد‬        ‫الشيء‪ ،‬أرفضه‪ ،‬تركته‬
  ‫له‪ .‬وقوله‪( :‬لا) عند رفضه‬          ‫و َف َّر ْق ُته‪ ،‬وأي ًضا رفضت‬
‫أدل على قوة إرادته من قول‪:‬‬      ‫الشيء‪ ،‬أرفضه‪ ،‬رف ًضا فهو‬
    ‫(نعم)‪ ،‬شريطة أن يكون‬        ‫مرفوض‪ ،‬ورفيض‪ ،‬كسرته‪،‬‬
                               ‫وجاء أي ًضا‪ :‬الرفض أن يطرد‬
     ‫رفضه ناشئًا عن دوافع‬       ‫الرجل غنمه‪ ،‬وإبله إلى حيث‬
  ‫غريزية عمياء»(‪ .)5‬فالرفض‬       ‫يهوى‪ ،‬فإذا بلغت لها عنها‬
                                ‫وتركها(‪ .)2‬فالرفض في اللغة‬
   ‫الاجتماعي‪ ،‬هو عبارة عن‬         ‫ارتبط بالترك‪ ،‬والافتراق‪،‬‬
  ‫اتخاذ موقف المعارض ضد‬        ‫والتفرق‪ ،‬والتغيير‪ ،‬والانتقال‬
  ‫قضية بعينها‪ ،‬سواء قضية‬       ‫من حالة إلى أخرى‪ ،‬ونلاحظ‬
 ‫خاصة أو عامة‪ .‬فهو موقف‬        ‫أنه ارتبط بالنفس الإنسانية‪،‬‬
                               ‫لأنه موقف نفسي بالأساس‪،‬‬
       ‫يجابهه فرد أو جماعة‬          ‫فإن الرفض «يأتي على‬
‫موجودة أو سابقة لم يعد‪ ،‬أو‬      ‫كونه إمكانية تمتلك الرغبات‬
 ‫لم يعودوا قابلين استمرارها‬     ‫لدى فرد‪ ،‬تدفعه إلى المطالبة‬
 ‫وقد يواجهونها بما يمكن أن‬        ‫بحقوقه‪ ،‬مما سيقوده إلى‬
                                   ‫الاصطدام بواقعه‪ ،‬وعدم‬
               ‫يعوضها»(‪.)6‬‬     ‫الاعتراف به من جهة‪ ،‬وعدم‬
                                   ‫الاستسلام والتنازل عن‬
  ‫قصيدة الرفض‪/‬‬                    ‫نفسه من جهة أخرى»(‪،)3‬‬
        ‫الحلم‬                   ‫ويشير سيجموند فرويد إلى‬
                               ‫أن الرفض «هو عملية دفاعية‬
      ‫احتفى الشعر العربي‬       ‫أصيلة تجاه الواقع الخارجي‬
     ‫الحديث بظاهرة الرفض‬          ‫من خلال انشطار الأنا في‬
                                 ‫عملية دفاعية»(‪ ،)4‬والرفض‬
         ‫بوصفها بنية فنية‪،‬‬
    ‫وموضوعية في القصيدة‬

      ‫الشعرية‪ ،‬ومن ثم فإن‬
     ‫قصيدة الرفض هي تلك‬

        ‫القصيدة التي يكون‬
 ‫موضوعها الخروج والتمرد‬

       ‫على التقاليد والأعراف‬
     ‫والأفكار السائدة‪ ،‬رغبة‬
    ‫في التغيير والاشتباك مع‬
   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191   192