Page 191 - merit 47
P. 191

‫زين العابدين فؤاد‬              ‫جابر عصفور‬                    ‫أهو دا اللي وجعني وخلاني‬
                                                              ‫حطيت الشكوى على لساني‬
       ‫الذي سيلم بالحبيب‪،‬‬         ‫وآلامه‪ ،‬وكأنه يتحدث إلى‬
     ‫وحرمانه من الحب بعد‬          ‫ذاته من جهة وإلى طبيبه‬          ‫إنما وحياة اللي قاسيته‬
 ‫رحيله‪ .‬ومن ثم فإن الشاعر‬         ‫من جهة أخرى‪ ،‬وفي ظني‬            ‫وحياة الأمل اللي بنيته‬
 ‫اتكأ على بنية الرفض الذاتي‬       ‫أن الطبيب هو المسرود له‬       ‫وحياة القلب اللي جرحته‬
 ‫رغبة في الكشف عن صورة‬            ‫في القصيدة‪ ،‬فيقوم بدور‬
   ‫الحقيقة التي يبحث عنها‪،‬‬          ‫المتلقي الأول للقصيدة‪،‬‬               ‫لا فرحت معاه‬
 ‫فراح متمر ًدا راف ًضا لكل ما‬  ‫ويقوم الشاعر بدور الراوي‬                       ‫ولا هنيته‬
   ‫تكبحه ذاته‪ ،‬راف ًضا الجبن‬      ‫الذي يقبض على تفاصيل‬
    ‫والخوف‪ ،‬عاش ًقا متمر ًدا‬       ‫حكاية العشق المنزه عن‬    ‫لو شلت الشكوى على لساني‬
  ‫على ذاته‪ ،‬في بنية القصيدة‬    ‫الغرائز الحسية والإيروسية‪،‬‬                ‫ورميتها قريب‬
    ‫الشعرية‪ ،‬وقد ينبثق عن‬      ‫فهو عشق يجمع بين الوطن‬
‫استخدام الرفض بنية تكنيك‬       ‫والتصوف والحبيبة‪ /‬الرمز‬        ‫ما تكونش جراحي مآلماني‬
   ‫جمالي يمنح الشاعر تدف ًقا‬       ‫التي تتعالى على العاشق‬              ‫أب ًدا يا طبيب»(‪.)13‬‬
  ‫شفي ًفا معب ًرا من خلاله عن‬       ‫الفقير‪ ،‬وتكشف الجملة‬
‫رحلته ومعاناته اليومية جراء‬     ‫الشعرية التالية عن صعود‬        ‫تتجلى في المقطع الشعري‬
    ‫حبه لوطنه‪ .‬حيث تصبح‬         ‫العاشق في رحلته العرفانية‬   ‫السابق روح الشاعر‪ /‬المتمرد‬
 ‫الذات الشاعرة ذا ًتا متمردة‪،‬‬  ‫إلى مرحلة الحرمان في قوله‪:‬‬
 ‫رافضة ضعفها أمام تقلبات‬       ‫«قدر لحبيبي يعيش بعدي‪/‬‬         ‫في قصيدة العامية المصرية‬
      ‫الحبيب ودلاله وتكبره‬      ‫في الهوى‪ ،‬محروم»‪ ،‬وكأنه‬      ‫بعامة‪ ،‬وعند أحمد فؤاد نجم‬
                                ‫يستشرف الواقع المأساوي‬
                    ‫أحيا ًنا‪.‬‬                                   ‫بخاصة‪ ،‬لأنه اتكأ بشكل‬
                                                               ‫واسع على استدعاء الذات‬
                                                             ‫الشاعرة المجازية التي تكمن‬
                                                              ‫في قلب المتلقي‪ ،‬لتستمد من‬
                                                                ‫القصيدة عافيتها وقوتها‬
                                                               ‫السردية‪ .‬فيصبح الشاعر‬
                                                             ‫هو السارد‪ /‬الراوي للقصة‬
                                                            ‫داخل القصيدة العامية‪ ،‬ومن‬
                                                             ‫ثم نلاحظ طبيعة السارد في‬
                                                              ‫العامية تختلف عن طبيعته‬
                                                               ‫في القصة أو الرواية‪ ،‬لأن‬
                                                               ‫العامية هي لغة اقتصادية‬
                                                              ‫بالأساس‪ ،‬فهي لا تطيل في‬
                                                                ‫الشكل من أجل الوصول‬
                                                               ‫إلى المعاني أو الدلالات‪ .‬بل‬
                                                             ‫على العكس تما ًما‪ ،‬فهي تميل‬
                                                               ‫إلى الاقتصاد اللغوي الذي‬
                                                                ‫ينتج عنه اقتصاد سردي‬
                                                               ‫بالأساس‪ ،‬ويكشف النص‬
                                                             ‫الشعري عن تجسيد الحزن‬
                                                                ‫الذي أل َّم بالذات في شكل‬

                                                                        ‫سردي خاطف‪.‬‬
                                                                  ‫ينتقل الشاعر من حالة‬
                                                               ‫إلى أخرى‪ ،‬واص ًفا شكواه‬
   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196