Page 192 - merit 47
P. 192

‫ما ستميت أوتوبيس ماشى‬             ‫قصيدة الرفض تتمرد على التقاليد‬
            ‫شاحنين أنفار‬            ‫والأعراف والأفكار السائدة‪ ،‬رغبة‬

  ‫إيه يعني لما يموت مليون‬          ‫في التغيير والاشتباك مع الواقع‪،‬‬
              ‫أو كل الكون‬          ‫حالمة بالوصول إلى عصر إنساني‬
                                    ‫جديد‪ ،‬يكون أكثر حرية‪ ،‬وعدالة‪،‬‬
  ‫العمر أص ًل مش مضمون‬             ‫ومساواة وقدرة على تحقيق حياة‬
           ‫والناس أعمار»‪.‬‬       ‫تليق بالإنسانية‪ ،‬وهي ليست زاعقة‬
                             ‫محشوة بالصخب والفوضى‪ ،‬والخطابة‪،‬‬
      ‫تتجلى صورة الرفض‬            ‫بل إنها تضمر في جوهرها الحلم‪،‬‬
 ‫والحزن في النص السابق‪،‬‬             ‫والحب‪ ،‬والمساواة‪ ،‬والكشف عن‬
 ‫للنكسة‪ ،‬لكنه رفض مختلط‬
 ‫بالبكاء والفقد‪ ،‬فقد ضاعت‬            ‫جماليات النوع الشعري الجديد‪.‬‬
‫سيناء والجولان‪ ،‬واستشهد‬
                             ‫لجأ إلى السخرية من الهزيمة‬    ‫بنية الرفض السياسي‬
    ‫الكثير من أبناء الشعب‬    ‫والموت‪ ،‬فجاءت بكائيته دلي ًل‬
    ‫في الحرب‪ ،‬جراء دخول‬                                      ‫كانت قصائد الشاعر أحمد‬
‫الجيش الإسرائيلي الأراضي‬      ‫دام ًغا على قوة الحدث الذي‬         ‫فؤاد نجم مرآة تعكس‬
   ‫المصرية في سيناء‪ ،‬ومن‬       ‫تسبب في صدمة مدوية في‬
‫الملاحظ في القصيدة السابقة‬     ‫القلوب والعقول‪ .‬فيقول في‬        ‫الوجه الحقيقي لمنغصات‬
‫أي ًضا أن الشاعر أحمد فؤاد‬    ‫قصيدة «الحمد لله‪ ،‬خبطنا»‪:‬‬      ‫الشعب والأمة المصرية‪ ،‬بل‬
    ‫نجم‪ ،‬اعتمد على المفارقة‬
‫الساخرة‪ ،‬متخ ًذا من الحدث‬              ‫«الحمد لله‪ ،‬خبطنا‬       ‫تجسد الأحداث الجسيمة‬
 ‫السردي (نكسة ‪ )67‬بؤرة‬                      ‫تحت بططنا‬       ‫التي وقعت على مصر ومنها‬
 ‫مركزية في القصيدة‪ ،‬حيث‬
 ‫فقد المصريون شبه جزيرة‬        ‫يا محلا رجعة ظباطنا من‬         ‫أحداث نكسة يونيو ‪1967‬‬
   ‫سيناء وضاعت الجولان‬                        ‫خط النار‪.‬‬      ‫التي سقطت على المصريين‬
 ‫في سوريا‪ ،‬وقد تأثر أحمد‬
    ‫فؤاد نجم بما حدث‪ ،‬بل‬            ‫يا أهل مصر المحميه‬         ‫كسقوط جبل المقطم على‬
  ‫كانت النكسة في تصوري‬                        ‫بالحراميه‬         ‫رؤوسهم‪ ،‬بالإضافة إلى‬
 ‫حد ًثا جل ًل وصدمة مدوية‬                                    ‫أن قصائد فؤاد نجم كانت‬
  ‫هزت أركان الذات العربية‬          ‫الفول كتير‪ ،‬والطعميه‬       ‫تحظى بانتشار سريع من‬
  ‫بعامة والمصرية بخاصة‪،‬‬                      ‫والبر عمار‬      ‫خلال ألحان وأغاني الشيخ‬
    ‫حيث خرجت الجماهير‬                                         ‫إمام عيسى رفيق الشاعر‬
   ‫وطلاب الجامعة المصرية‬     ‫والعيشه معدن واهي ماشيه‬         ‫في كل مكان وزمان‪ ،‬واتخذ‬
  ‫آنذاك‪ ،‬مفترشة الطرقات‪،‬‬                      ‫آخر أشيا‬         ‫الشاعر من النكسة حد ًثا‬
‫تعبر عن ألمها وحزنها العام‪،‬‬                                    ‫وطنيًّا حزينًا‪ ،‬وقد رصد‬
    ‫غير مستوعبة ما حدث‬            ‫مادام جنابه والحاشيه‬       ‫تلك الأحداث على ذاته وعلى‬
   ‫من خيانة‪ .‬وبعدها خرج‬                   ‫بكروش وكتار‬        ‫الشعب المصري عامة‪ ،‬فقد‬
 ‫الزعيم جمال عبد الناصر‪،‬‬
 ‫معلنا تنحيه الكامل عن أية‬          ‫ح تقول لى سينا وما‬
  ‫مناصب سياسية وقيادية‬                         ‫سيناشي‬
 ‫في مصر‪ ،‬فخرجت الجموع‬
                                          ‫ما تدوشناشي‬
   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196   197