Page 190 - merit 47
P. 190

‫العـدد ‪47‬‬                           ‫‪188‬‬

                              ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬                     ‫تدخل في دائرة الرفض من‬
                                                               ‫جهة‪ ،‬واللامبالاة من جهة‬
  ‫التي يحاول أن يصل إليها‪،‬‬     ‫جبروت السلطة السياسية‪.‬‬          ‫أخرى‪ ،‬فهي لا تكترث بما‬
 ‫محط ًما كل مرار يقابله‪ ،‬وقد‬      ‫حيث ارتكز الشاعر على‬         ‫يحدث‪ ،‬وما سوف يحدث‪،‬‬
                                 ‫لغة شفيفة تنتقل بالسرد‬      ‫لأنها دخلت في حالة متمردة‬
    ‫استخدم الشاعر مفردات‬                                       ‫جديدة‪ ،‬وأعني دخولها إلى‬
  ‫ذات دلالات وصفية كاشفه‬         ‫من منطقة إلى أخرى دون‬          ‫عالم الروح الصافية التي‬
                                ‫تخشب أو انفصال حركي‬
   ‫عن عمق المعاني الفلسفية‬      ‫بين مقطع وآخر‪ ،‬بل منحه‬            ‫كلما اشتد عليها الهم‪/‬‬
 ‫التي حاول الشاعر أن يعتمد‬    ‫السرد مساحة واسعة لطرح‬          ‫المر‪ ،‬فتتكئ عليه نكاية فيه‪،‬‬
 ‫عليها في بناء نصه الشعري‪،‬‬     ‫رؤاه حول العشق الوطني‪/‬‬
‫فقد استخدم الـ(آه) من شدة‬     ‫الصوفي المنزه عن كل مسحة‬          ‫ومن ثم فقد طرح العامة‬
                                 ‫مادية أو منصب عا ٍر من‬       ‫في تركيباتهم للجملة بلاغة‬
    ‫الوجع‪ ،‬ووجه خطابه إلى‬     ‫الحقيقة‪ .‬وقد تشكلت علائق‬
   ‫الطبيب المعالج الذي أخفق‬    ‫وشيجة بين الرفض الذاتي‬           ‫مشهدية‪ ،‬تشف عن واقع‬
 ‫في معرفة مرضه‪ ،‬لأنه ليس‬        ‫والسياسي‪ ،‬ولكن الشاعر‬          ‫ينتج إبدا ًعا دون أن تدرك‬
    ‫مري ًضا بالمعنى العضوي‬      ‫أفرط في البوح عن حبيبته‬
   ‫بقدر ما أنه مريض بمحبة‬       ‫التي لا تهتم به أو تفكر في‬       ‫الذات ذلك‪ .‬ويقول نجم‬
                              ‫حياته‪ ،‬بل راح الشاعر يبكي‬           ‫مخاطبًا الآخر‪ /‬طبيبه‪:‬‬
      ‫مصر‪ ،‬العشق والأمل‪،‬‬       ‫في شوارع الحبيبة بحثا عن‬
   ‫والحضارة‪ ،‬والوطن الذي‬      ‫ذاته وكينونته وهواه القديم‪.‬‬                 ‫«أب ًدا يا طبيب‬
                               ‫ويقول أي ًضا في مقطع آخر‪:‬‬           ‫يا طبيب د انا جرحي‬
     ‫يعيش فينا جمي ًعا‪ ،‬نحن‬
‫المصريين‪ ،‬وقد تجلى في قوله‪:‬‬                ‫«لكن يا طبيب‬                        ‫ملوعني‬
                                        ‫أنا بابكي صحيح‬      ‫وساقيني الحنضل من كاسي‬
 ‫«ودموعي في عيني بتتكلم‪/‬‬                                     ‫والنار ف ضلوعي بتلسعني‬
  ‫وبتتألم‪ /‬على قلب جريح»‪.‬‬                    ‫وباقول الآه‬
                                            ‫زي المجاريح‬                 ‫وأنا لسه صغار‬
      ‫يحمل المشهد الشعري‬         ‫ودموعي في عيني بتتكلم‬                     ‫والعيا قاسي‬
     ‫السابق أشكا ًل إيقاعية‪،‬‬
 ‫مشتبكة بصور مجازية عن‬                           ‫وبتتألم‬     ‫و لا عمر الليل مره سمعني‬
 ‫الدموع التي تتكلم في عيون‬                 ‫عل قلب جريح‬        ‫عليت الآه على أنفاسي»(‪.)11‬‬
 ‫المحب من فرط عشقها‪ ،‬فهي‬                                       ‫تطرح الذات الشاعرة آلام‬
    ‫لا تتحدث حديثًا مباش ًرا‬                     ‫مسكين‬
  ‫بقدر حديثها الصامت الذي‬            ‫كان أمله يحب سنين‬          ‫العاشق الذي َل َّو َع ُه الحب‬
    ‫له تأثيره القوي في نفس‬      ‫ويلم الحب ف عشه اتنين‬        ‫والعشق حتى شرب الحنظل‬
‫العاشق‪ ،‬ونلاحظ كيف تبكي‬
   ‫العيون على الشاعر نفسه‪،‬‬                  ‫واتهنى معاه‬         ‫والمر من جراء عشقه‪ ،‬ثم‬
 ‫فقد استخدم الشاعر صورة‬                     ‫وإن قال الآه‬          ‫يكشف نجم عن حقيقة‬
‫العين التي تبكي على العاشق‬       ‫أنا اقول له يا روح القلب‬         ‫العشق الذي تحول إلى‬
   ‫الحزين المغلوب على أمره‪،‬‬
‫ويقول نجم في مقطع شعري‬                          ‫آهين(‪.)12‬‬     ‫مرض‪ ،‬فالعاشق قد أصيب‬
                                 ‫تصبح الذات الساردة في‬        ‫بالوهن والإرهاق من جراء‬
                     ‫أخير‪:‬‬    ‫النص الشعري‪ ،‬ذا ًتا مكلومة‪،‬‬    ‫حب من طرف واحد‪ .‬وتبدو‬
           ‫«بس أنا لا بيدي‬
                                   ‫متحرقة بعذابات الحب‬           ‫الحبيبة هنا رم ًزا للوطن‬
                  ‫ولا بودي‬    ‫العذري الذي أودى بصاحبه‬          ‫مصر الغالية التي عشقها‬
             ‫دا قدر مقسوم‬                                       ‫فؤاد نجم‪ ،‬حيث دفع من‬
    ‫قدر لحبيبي يعيش بعدي‬             ‫إلى المرض‪ ،‬والهذيان‬       ‫عمره سنوات في السجون‬
           ‫في الهوى محروم‬        ‫والضياع‪ ،‬وفقدان القيمة‬      ‫والمعتقلات من أجل قصائده‬
                                                            ‫الرافضة المتمردة التي تعري‬
   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195