Page 179 - merit 47
P. 179

‫حول العالم ‪1 7 7‬‬

                                             ‫َشَتا ُت َواِل َد َّي‬

‫يحين وقت المغادرة‪ ،‬يستطيع‬                        ‫أن أتباهى بها لاح ًقا أمام‬        ‫اعتدت الأيام دون أبي منذ‬
 ‫الرفيق الصغير امتطاء كتف‬                      ‫أقراني‪ .‬وتلك الكعكات ذات‬          ‫الصغر‪ ،‬واعتقدت أنها الحياة‬
                                              ‫أشكال الحيوانات‪ ،‬أو الكتب‬          ‫الطبيعية‪ .‬كان أطفال وأمهات‬
   ‫أبيه‪ ،‬ومثل دبابة قوية‪ ،‬لا‬                   ‫التي تتضمن «حرو ًبا» كانا‬
  ‫ُتقهر‪ .‬أترجل‪ ،‬أفكر فيه‪ :‬لو‬                   ‫قادرين على إضحاكي حتى‬                ‫بلدتنا يبتهجون إذا علموا‬
                                                                                  ‫بعودة الآباء من المدينة‪ .‬أما‬
    ‫«كاامنتطهانءا‪ِ ،‬أحكوصاننقاكدبيًرار»‪،‬على‬      ‫في أحلامي‪ .‬ولما كان أبي‬
‫مزه ًوا‪ُ .‬تعد بركة الماء الكائنة‬              ‫يعيش على مسافة مني‪ ،‬فإنه‬              ‫بالنسبة لي؛ فتمثل عودته‬
                                                                                     ‫ما أحضره لي من أكلات‬
  ‫أمام البيت ملاذنا في فصل‬                        ‫كطائر مهاجر‪ ،‬يعود إلى‬           ‫لذيذة‪ ،‬وألعاب جيدة‪ ،‬وكتب‬
‫الصيف‪ ،‬صقيع القفز في الماء‪،‬‬                      ‫البيت في الوقت المناسب‪.‬‬              ‫مصورة شيقة‪ ،‬يمكنني‬
                                                ‫بعدما كبرت قلي ًل‪ ،‬تمكنت‬
  ‫وضربها بالأيدي والأرجل‬                      ‫من كتابة الرسائل بمفردي‪.‬‬
   ‫مكونة الموجات‪ ،‬وأصوات‬                        ‫كان أبي بدوره يرد دائ ًما‪،‬‬
   ‫تناثرها‪ ،‬كلها أمور ُمغرية‬
                                                    ‫وعندما يصل خطابه‪،‬‬
      ‫للغاية بالنسبة لي‪ .‬لكن‬                  ‫تجعلني أمي أقرأه‪ ،‬أصل إلى‬
   ‫أمي أقرت‪ ،‬مرا ًرا وتكرا ًرا‪،‬‬               ‫رمز لا أعرفه‪ ،‬ف ُتلقنني إياه؛‬
 ‫عدم اللعب في الماء‪ ،‬وتشدد‪،‬‬                    ‫كان الرد أي ًضا بقلمي‪ُ ،‬تملي‬
 ‫خاص ًة‪ ،‬أن أخي الأكبر مات‬                    ‫أمي عليَّ ما أكتبه بينما تقوم‬
 ‫غر ًقا في شبابه‪ .‬وعلى الأغلب‬
 ‫لم تكن تلدني لو أنه ظل على‬                             ‫بالأعمال المنزلية‪.‬‬
‫قيد الحياة‪ .‬لكن قلبي متلهف‬                     ‫أبي العزيز‪ ،‬تلك كانت أكثر‬
 ‫لذلك «الحمام البارد»‪ .‬لو أن‬                   ‫الكلمات المستخدمة ألفة في‬
‫أبي هنا‪ ،‬لاصطحبني إلى الماء‪،‬‬                 ‫ذلك الوقت‪ .‬في كل مرة أكتب‬
‫وله َّدأ من روع أمي المستمر‪.‬‬                   ‫فيها خطا ًبا‪ ،‬أفكر في الأمر‪،‬‬
                                             ‫وأتذكر أن لي عزي ًزا بالخارج‪.‬‬
       ‫كلما تقدمت في العمر‪،‬‬                  ‫عندما يكون أبي عائ ًدا‪ ،‬تطلب‬
‫أصبحت طبيعة الصبي المحبة‬                       ‫مني أمي الذهاب إلى القناة‬
                                                ‫لاصطياد بعض الأسماك‪،‬‬
 ‫للعب في الماء تجعلني أتسلل‬                  ‫وسمك اللوتش أكلته المفضلة‪.‬‬
  ‫من أمي للحصول على ذلك‬                        ‫يركض أبي بالخارج‪ ،‬كمثل‬
   ‫«الحمام البارد»‪ .‬وكان لها‬                    ‫طائر السنونو أمام البهو‪،‬‬
                                             ‫يساعد الأسرة على اقتناء هذا‬
    ‫أي ًضا طريقتها في معرفة‬
     ‫ما إذا كنت ألعب في الماء‬                    ‫وذاك‪ ،‬فتمضي في رخاء‪.‬‬
   ‫أم لا‪ ،‬ولذلك كانت مكابدة‬                         ‫أحيا ًنا‪ ،‬أُبادر أنا أي ًضا‬
‫الأمرين أمر لا بد منه وقتئ ٍذ‪.‬‬
   ‫تدريجيًّا‪ ،‬بدأت أمي ترخي‬                      ‫بالتفكير في شأنه‪ .‬عندما‬
   ‫قبضتها‪ ،‬وجعلتني أحصل‬
   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184