Page 237 - merit 47
P. 237

‫‪235‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

‫وأكاد أجزم أن تداول شعر‬                           ‫لغو ًّيا!‬
   ‫مظفر النواب في العراق‬            ‫أما يساريته فتلك هي‬
     ‫قد تسبب بالكثير من‬        ‫حجر الزاوية‪ ،‬فلا معارضة‬
  ‫المشاكل التي وصلت إلى‬       ‫حقيقية صنعت فك ًرا تقدميًّا‬
                                 ‫أوصل الحياة العربية إلى‬
‫حد الإعدام‪ ،‬بل أن الأغاني‬         ‫مفازات التقدم‪ ،‬ووضع‬
  ‫التي كتبها بقيت لسنوات‬        ‫أولى الخطوات على الطرق‬
‫طويلة ممنوعة من العرض‪،‬‬        ‫الصحيحة مثلما فعل اليسار‬
  ‫وحينما أفرج عنها كانت‬        ‫الذي سحق خرافات وجهل‬
                                 ‫المجتمع المستكين الخانع‪،‬‬
   ‫تظهر من دون الإشارة‬        ‫لذا كان حضوره في تابواته‬
                    ‫إليه‪.‬‬         ‫الثلاثة (معار ًضا عربيًّا‬
                                ‫يسار ًّيا) قو ًّيا وصاخبًا في‬
   ‫والحقيقة أن نتاج هؤلاء‬     ‫الأدب العربي الثوري‪ ،‬ليقف‬
‫‪-‬ومظفر أحدهم‪ -‬لا يمكن‬            ‫جنبًا إلى جنب مع ثلَّة من‬
                              ‫معاصريه من شعراء اليسار‬
    ‫أب ًدا استلاله من عالمهم‬   ‫العربي أمثال نجيب سرور‬
  ‫السياسي إلا ناد ًرا‪ ،‬ففرز‬   ‫(‪ )1978 -1932‬وأمل دنقل‬
 ‫شعره وإقصاء (الماحوله)‬           ‫(‪ )1983 -1940‬وفؤاد‬
                                   ‫حداد (‪)1985 -1928‬‬
    ‫مهمة ليست باليسيرة‪،‬‬        ‫وأحمد فؤاد نجم (‪-1929‬‬
    ‫ولعل التساؤل النقدي‬              ‫‪)2013‬‬
   ‫المهم هنا هو‪ :‬أين ينتهي‬     ‫وأحمد مطر‪..‬‬
 ‫السياسي ويبدأ الشعري‪..‬‬            ‫وغيرهم‪،‬‬
      ‫وهل ما أنتجه مجرد‬              ‫مش ِّك ًل‬
   ‫هتافات سياسية أم هو‬             ‫(ظاهرة)‬
    ‫تجربة شعرية حقيقية‬
                              ‫تحتاج إلى كثيرــــديد ٌة بحزن عتيق‬
      ‫تضاف إلى جماليات‬            ‫من التأمل‬
‫الشعرية العربية وتطورها‪.‬‬           ‫في مستواها‬
                              ‫الشعري‪ ،‬مع لحاظ إن منجر‬
  ‫ولكي يكون دخولنا آمنا‬
‫لمظان هذا التساؤل المهم‪ ،‬لا‬        ‫هؤلاء سواء العامي أم‬
‫بد أن نبدأ من تحديد معنى‬       ‫الفصيح لا يختلف أثره في‬
                               ‫الشارع العربي‪ ،‬فلشعرهم‬
    ‫الشعري واللا شعري‬          ‫قدرة كبيرة على التحريض‬
    ‫في النص‪ ،‬مع لحاظ أن‬
 ‫الشعرية التي توافقت‪ ،‬في‬          ‫وتحريك الجماهير حتى‬
 ‫قصيدته الشعرية (القدس‬           ‫إن قصائدهم تشبه تما ًما‬
   ‫عروس عروبتكم) التي‬
   ‫جعلت منه نج ًما شعر ًّيا‬         ‫المناشير السرية التي‬
                                ‫تتناقلها الأيدي تحت جنح‬
      ‫يضارع نجوم الغناء‬        ‫الظلام لما فيها من خطورة‪،‬‬
     ‫والموسيقى‪ ،‬وهي تبدأ‬
‫بمقطع تعبوي ج ًّدا مباشر‪:‬‬
   ‫من باع فلسطين سوى‬

            ‫الثوار الكتبة؟‬
    ‫أقسمت بأعناق أباريق‬
   232   233   234   235   236   237   238   239   240   241   242