Page 233 - merit 47
P. 233

‫‪231‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

‫يتنامى عبر المُجابهة بالمثل‪،‬‬            ‫والظروف و ُمتنمرة على‬                             ‫وهذه هي حياة ال َّسلاطين‬
    ‫فالقوة لا تهدأ ا َّل بقوة‬       ‫نح ٍو لاف ٍت للنظر على ال ُح َّكام‬                   ‫وتعاليهم على الناس‪ ،‬ولكنَّه‬
    ‫ُمماثلة‪ ،‬لذا لجأ الشاعر‬
   ‫إلى الاستعانة بسلاحهم‬              ‫وال َّسلاطين والأمراء ومن‬                             ‫هو من يتعالى هذه المرة‬
    ‫ليتخلَّص من طغيانهم‪.‬‬              ‫على شاكلتهم‪ ،‬لذا نجح في‬                                ‫ولكن ليس على الشعب‬
                                                                                          ‫المسكين بل على ال َّسلاطين‬
  ‫ثال ًثا‪ :‬ال َّذا ُت غير‬               ‫فرض هذه الصورة في‬                                    ‫المُتجبِّرين الذين ملؤوا‬
     ‫الواقع َّية‬                    ‫ذهنية المُثقف العربي عمو ًما‬                         ‫الأرض ُظل ًما وفسا ًدا‪ ،‬حتى‬
                                                                                            ‫أ َّنه ع َّزز رؤيته في ختام‬
    ‫عندما تتسار ُع المواقف‬            ‫والعراقي خصو ًصا‪ ،‬ومن‬                              ‫القصيدة بالاتكاء على النداء‬
 ‫والأحداث ويفرض الواقع‬              ‫ذلك الجهر بإرهابيته لسأمه‬                           ‫في إشارة منه إلى نداء البعيد‬
                                    ‫من ُمعايشة الجلاد و ُمخبره‬                          ‫و ُهم كثر بوصفهم سلاطين‪،‬‬
    ‫سطوته على ال َّذات بعد‬                                                              ‫لإيصال رسالته وهي وحدة‬
    ‫سلسلة من الصراعات‬                        ‫ال ِّسري إذ قال(‪:)13‬‬                           ‫ال َّسلاطين وتشابههم في‬
   ‫والتجاذبات‪ ،‬تبدأ مرحلة‬                    ‫أننَع َْم‪.‬ص‪ُ .‬حأن ُاك ّإلر ُمه ْاخبب ٍري‪.‬‬  ‫السيطرة على ُمقدرات الناس‬
‫الانهيار ُر َّبما أو الانسحاب‪،‬‬       ‫ينب ُح‪ ،‬بع َد اليو ِم‪ ،‬في أعقابي‬                        ‫في كل أرجاء المعمورة‪.‬‬
    ‫أو الهرب‪ ،‬أو الاغتراب‬                     ‫أن يرتدي َد َّباب ًة‬                      ‫ولم تكن ذاته المُثقفة وحدها‬
  ‫النفسي والمكاني‪ ،‬وكل ما‬             ‫لأ َّنني‪ ..‬سو َف أد ُّق رأ َس ُه‬                      ‫من كشفت زيف ال ُح َّكام‬
    ‫من شأنه بيان انتصار‬                    ‫إ ْن َد َّق‪ ،‬يو ًما‪ ،‬بابي!‬                   ‫وإداراتهم البائسة على الرغم‬
 ‫المُحيط الاجتماعي بأدواته‬          ‫ثوري ُة ال َّذات المُتمردة أعلنت‬                    ‫من عدم ُقدرتها على المُجابهة‬
  ‫الفكرية واللوجستية على‬            ‫تن ُّمرها صراحة‪ ،‬بل تمسكها‬                            ‫والمُطاولة‪ ،‬بل كانت ال َّذات‬
 ‫ال َّذات‪ ،‬ولكن الشاعر أحمد‬          ‫بشريعة الإرهاب بوصفها‬                               ‫المُتمردة أداة باهرة لإعلان‬
     ‫مطر كان عني ًدا فكر ًّيا‬       ‫القوة الضاربة لوقف زحف‬                                 ‫التص ِّدي وقبول الصراع‬
    ‫لا ُيهزم بسهولة سوى‬                ‫الجلاد و ُمخبره ال ِّسري‪،‬‬                             ‫حتى تحقيق الأهداف‪،‬‬
   ‫في مجال اغترابه المكاني‬           ‫وهذه دلالة على تفشي بؤر‬                             ‫ولاسيما أن ذات أحمد مطر‬
  ‫الذي كان بسبب ُملاحقة‬               ‫الفساد والظلم م َّما دفعت‬                            ‫في تشكيلها السيكولوجي‬
   ‫السلطات له‪ ،‬فقد توغلت‬             ‫الإنسان إلى التباهي بكونه‬                           ‫هي ذات ُمتمردة على الواقع‬
  ‫أنظمته المعرفية والثقافية‬         ‫إرهابيًّا‪ ،‬لذا راح يصف فعله‬
  ‫وتسلَّلت إلى أذهان الطبقة‬         ‫فيما سيأتي من الأيام ب ُنباح‬
      ‫المُثقفة‪ ،‬وأوجعت تلك‬             ‫الكلب وعليه‬
 ‫الضربات الأنظمة الحاكمة‬           ‫الحذر حتَّى وإ ْن‬
‫على الرغم من بعده المكاني‪،‬‬             ‫ارتدى دبابة‬
     ‫إذ كانت لكلماته جواز‬          ‫وهي استعارة في‬
    ‫سفر تتجول أ َّنا شاءت‬            ‫محلها لتكثيف‬
     ‫في عقل المُثقف العربي‬         ‫المعنى‪ ،‬والنتيجة‬
 ‫التَّواق لسماع ظلم الأنظمة‬        ‫هي ضرب رأسه‬
  ‫وانتهاكات ال ُح َّكام‪ ،‬ولأ َّنه‬  ‫بدلالة قوة الفعل‬
‫شر ٌس في المُواجهة ولا يقبل‬        ‫(د َّق) للدلالة على‬
   ‫بالمُهادنة دخل في دهاليز‬         ‫تهشيمه كليًّا إذا‬
   ‫ذاته وأضاء دروبها بما‬           ‫ما فكر بعد الآن‬
                                       ‫في ُملاحقته‪.‬‬
                                   ‫فالسياق المقامي‬
   228   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238