Page 228 - merit 47
P. 228

‫صوتوا للبيع هل من من‬           ‫نا َل ال ُح َّكا ُم العرب من دون استثناء حظهم‬
                   ‫ُيزود؟‬             ‫من ال ُّسخرية والتهكم والتن ُّدر على طرق‬

          ‫ثم قالوا لليهود‪..‬‬       ‫حكمهم وإدارتهم للأزمات‪ ،‬فهم من وجهة‬
   ‫ربح البيع فهيا بالنقود‪..‬‬               ‫نظر الشعراء الثوريين ‪-‬ومنهم أحمد‬

      ‫ُك ُّل هذا كان في سوق‬        ‫مطر‪ -‬يدورون في حلبة فارغة لا قيمة فيها‬
                   ‫الغنم‪..‬‬         ‫سوى وجودهم كما يظنون‪ ،‬وهم في مرآة‬
                                 ‫أنفسهم أسو ٌد ضاري ٌة وفي مرآة غيرهم أعجاُز‬
      ‫فهو ُيراهن على تبعية‬
  ‫الحكام العرب وغرقهم في‬              ‫نخل خاوية‪ ،‬لأ َّنهم مغلو ُبون على أمرهم‬
  ‫الخضوع للسيادة العالمية‬         ‫بسبب سيطرة الدول ال ُكبرى وال ُعظمى على‬
‫في المنطقة المُتمثلة بإسرائيل‪،‬‬
‫لذا كان معوله النقدي يشق‬                                          ‫السيادة والقرار!‬

     ‫تلك الرؤوس المحشوة‬                ‫أ– الاستبدا ُد العا َلِي‪:‬‬      ‫التلاحم الفكري والذوقي‬
‫بالخيانة والتآمر‪ ،‬فالشعوب‬             ‫كان الشاعر أحمد مطر‬              ‫إلى ح ٍّد لا ُيمكن السيطرة‬
                                   ‫كغيره من الثوريين العرب‬
      ‫ُكنِّيت بالغنم وهي في‬          ‫من ال ُّنخب المُثقفة التي لا‬       ‫على الطروحات والآراء‬
  ‫سوق كبير ُتباع وتشترى‬              ‫تقبل بمعادلات المُهادنات‬         ‫تبدأ مرحلة الانزلاق نحو‬
‫بأرخص الأثمان وهو سوق‬              ‫والاستسلام المشروط‪ ،‬لذا‬            ‫الثورية العلنية لتجتاح ما‬
   ‫المُؤتمرات وال ِقمم التي لا‬     ‫راح ُيع ِّري ِقوى الاستبداد‬      ‫يأتي أمامها على وفق أنظمة‬
   ‫طائل منها‪ ،‬ولا أصل لمن‬        ‫العالمي التي تتخذ من ال ُحكام‬
 ‫يغضب فكل ذلك مسرحية‬                ‫العرب أداة لقمع شعوبها‬              ‫وقواعد ُوضعت ُمسب ًقا‬
                                     ‫لتتهيأ لها فرصة التوغل‬           ‫لتكون بديلة عن تلك التي‬
      ‫مكتوبة بعناية‪ ،‬بدلالة‬        ‫والعبث ب ُمقدرات الشعوب‬             ‫جعلتهم ينقادون للثورية‬
    ‫أ َّن المُستفيد هو الشاري‬    ‫متى ما أرادت وشاءت‪ ،‬ومن‬           ‫والتح ُّمس للتغيير‪ ،‬وعليه كان‬
   ‫للصفقة الذي هيَّؤا له ما‬                                          ‫شعر أحمد مطر السياسي‬
 ‫أراد‪ ،‬فقيل لليهود إ َّن المزاد‬                ‫ذلك قوله(‪:)5‬‬        ‫مثا ًل للنخبوية المُثقفة الثائرة‬
  ‫قد رسا عليكم وهنيئًا لكم‬          ‫ُك ُّل هذا يا حبيبي كان في‬      ‫على البلاءات والكوارث التي‬
   ‫الصفقة وصفعة شعوبنا‬                                                ‫تقدمها السلطات الحاكمة‬
  ‫بحسب الرغبة‪ ،‬فالتما ُسك‬                      ‫سوق الغنم؟!‬         ‫بأطباق قوانينها المُجحفة‪ ،‬لذا‬
 ‫النَّصي دلَّل على أ َّن السياق‬  ‫واه ٌم أن َت ولا تعرف ما تعني‬       ‫تسلَّح بعتاد ُلغته الشعرية‬
  ‫المقامي كان مفتا ًحا دلاليًّا‬                                     ‫وتص َّدى لقمعهم و ُمخبريهم‬
                                                     ‫القمم!‬
     ‫سلي ًما لعرض القضية‬             ‫ما رأيت الجمع غاضب؟!‬               ‫ال ِّسريين الذين بسببهم‬
     ‫بطريقة البيع والشراء‬           ‫والعيون الحم‪ ..‬لا لا ليس‬          ‫امتلأت السجون بالأبرياء‬
 ‫لتكون أكثر ُقر ًبا من ذهنية‬
    ‫القارىء العادي‪ ،‬ليتدبر‬                          ‫شارب‬                ‫والضحايا‪ .‬وعليه ُيمكن‬
‫ويتفكر بما يجري من حوله‬           ‫والتناهيت الغواضب‪ ..‬ليس‬          ‫تحديد أنواع الثورية بحسب‬
   ‫من ُمؤامرات تسلب حقه‬
   ‫وحق أجياله؛ حتى يصل‬                               ‫هارب‬                            ‫الأهمية‪.‬‬

         ‫للثورية المنشودة‪.‬‬
‫ولم تكن أمريكا ِمحور الشر‬

  ‫في منطقتنا العربية بعيدة‬
‫عن مرمى نيرانه‪ ،‬بل أخذت‬
   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233