Page 226 - merit 47
P. 226

‫العـدد ‪47‬‬         ‫‪224‬‬

                                                                 ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬   ‫التعريف بالشعر السياسي‬
                                                                                  ‫على وفق ما هو ُمتداول‬
   ‫وهدم أساساتها ستكون‬            ‫بينهم وبين القادة والحكام‬
   ‫فرصة للكشف عن ُهوية‬             ‫الفاسدين المُعاصرين لهم‪،‬‬                   ‫وشا ِئع في الأوساط الثقافية‪،‬‬
                                  ‫و ُمحاولة التشبث بالوسائل‬                       ‫وما هي أهم خصائصه‬
      ‫الانتماء الحقيقي لهذا‬        ‫التي ُتخلِّصهم من الطغيان‬                     ‫الموضوعية والفنية‪ ،‬فهو‬
‫الشاعر أو ذاك‪ ،‬إذ ستتضح‬          ‫والعبودية‪ ،‬ولا تص َّوب ُفوهة‬                       ‫«نظم شاعري للواقع‬
 ‫أمام الجمهور نوايا الشاعر‬        ‫الكلمات شع ًرا وبأي جنس‬
                                   ‫أدبي آخر نحو الحكومات‬                      ‫الملموس‪ ،‬يصل ب ُمقاربته إلى‬
     ‫وارتباطاته الحزبية أو‬        ‫والأنظمة القمعية والفاسدة‬                      ‫فكرة أصيلة عن الإنسان‬
    ‫المذهبية وغيرها‪ ،‬ور َّبما‬      ‫فقط‪ ،‬بل للاحتلال مساحة‬                      ‫والعالم والكون»(‪ ،)2‬أي أ َّنه‬
   ‫ُيعلنها هو من دون تر ُّدد‬      ‫من هذا التهكم ور َّبما بطرق‬                   ‫من الأنماط الشعرية التي‬
  ‫أو وجل و ُيعلي من شأنها‬
  ‫لكسب المؤيدين له وزيادة‬            ‫أقسى‪ ،‬لأ َّنه المُحرك لتلك‬                ‫لها حضور فاعل في تسليط‬
   ‫اتباعه‪ ،‬ور َّبما أن تو ُّجهه‬    ‫الأنظمة الشمولية الفاسدة‬                      ‫الضوء على عيوب القادة‬
    ‫سياسيًّا لا يكون لسبب‬
   ‫انتمائه اطلا ًقا بل لغيرته‬        ‫والداعم لها ُبغية إحداث‬                   ‫وأدواتهم‪ ،‬وفلسفة السلطة‬
 ‫على البلد‪ ،‬والدافع الحقيقي‬       ‫الخلل في المُجتمعات ليتسيَّد‬                  ‫واحتيالاتها‪ ،‬وكشف أكبر‬
    ‫ليست مجموعة ُمتح ِّزبة‬        ‫هو ويتر َّبع على عرش البلد‬
  ‫أو طائفة أو قومية ُمعينة‪،‬‬                                                       ‫قدر ُممكن من جرائمها‬
‫وإ َّنما الوطن الذي يضم بين‬           ‫أو المنطقة لأطول فترة‬                          ‫وسطوتها وعلاقاتها‬
   ‫جنباته كل تلك المُسميات‬                          ‫زمنية‪.‬‬
   ‫ويحتضنها بروح الأبوة‪.‬‬                                                         ‫بالأنظمة المُماثلة لها‪ ،‬وما‬
    ‫ولا ُيمكن للشاعر إثبات‬             ‫وفي ضوء هذه الرؤية‬                      ‫هي ال ُخطط المُستقبلية التي‬
 ‫وجوده وجدارته في سحب‬                   ‫وإعلان قبول الشعر‬                     ‫تسعى لبلورتها لأجل تثبيت‬
   ‫الجمهور إلى منطقة لعبه‬          ‫السياسي كنم ٍط مهم يجب‬                       ‫جذورها وديمومة بقائها‪،‬‬
  ‫ما لم يكن على دراي ٍة تام ٍة‬       ‫نشره وزيادة مساحته‪،‬‬
‫بالأساليب والتلا ُعب اللُّغوي‬            ‫فإ َّنه أصبح نم ًطا له‬                  ‫وبعد فضح كل الألاعيب‬
  ‫الذي سيأخذ بيده نحو ب ِّر‬         ‫خصائصه المُحددة‪ ،‬ومن‬                      ‫وإرشاد الناس إلى حقيقتهم‬
 ‫الشهرة والتأثير‪ ،‬لهذا عليه‬       ‫أبرز خصائصه الموضوعية‬                        ‫تبدأ مرحلة العناية بالبدائل‬
    ‫الاتكاء على قواعد لغوية‬         ‫هي تركيزه على الأحداث‬
 ‫تسير باتجاهين‪ ،‬الأول هو‬           ‫الجارية وتصعيد مفاهيمه‬                            ‫الكفيلة التي ستكون‬
‫استخدام التعبير والأساليب‬          ‫تجاهها للوصول إلى ُنقطة‬                       ‫ُمناهضة على نحو علني‪،‬‬
 ‫المُباشرة ليهضمها بسرعة‬             ‫الحسم‪ ،‬سواء ما يتعلق‬                      ‫والحرية هي القوة الجديدة‬
  ‫من يحترم قواعد التغيير‪،‬‬         ‫ذلك بالأشخاص أو السلطة‬                         ‫الضاربة التي ينبغي لها‬
    ‫لأ َّن الجهر بظلم السلطة‬          ‫وإدارتها‪ ،‬وعليه يصب‬                        ‫الانتشار‪ ،‬أي الانتقال إلى‬
 ‫يحتاج إلى ُمبررات مفهومة‬         ‫ج َّل طاقته نحو هذا الهدف‬                    ‫ُمعترك شحذ الهمم وزيادة‬
 ‫يستسيغها أكبر قدر ممكن‬          ‫لتحقيق المُبتغى المُراد‪ ،‬وكسر‬                  ‫الحماسة والانتفاضة ضد‬
     ‫من الشعب‪ ،‬م َّما يعني‬         ‫الرتابة والجمود والخروج‬                        ‫الظلم والقهر‪ ،‬و ُمحاولة‬
‫الاتجاه نحو أسلوب العرض‬          ‫من بوتقة الخوف والسكوت‬                           ‫الإمساك بتلابيب القادة‬
  ‫المُباشر والمُفردات الشاملة‬         ‫والخضوع‪ ،‬وهذا يعني‬                         ‫ال ُجدد الذين ُيع َّول عليهم‬
     ‫التي تدخل في الأذهان‬           ‫ارتباطه الكلي بكل ما هو‬                     ‫في التغيير‪ ،‬م َّما يتطلب هذا‬
  ‫وتحركها‪ ،‬والاتجاه الثاني‬          ‫سياسي بحت ولا يتعلق‬
                                 ‫الأمر بشخص بعينه‪ ،‬فض ًل‬                           ‫تمجيد القادة والأبطال‬
                                    ‫عن أن د َّك أوكار السلطة‬                   ‫والحكماء في التاريخ القديم‬

                                                                                  ‫والحديث لي َّطلع الشعب‬
                                                                                ‫‪-‬ولاسيما النخبة المُثقفة‪-‬‬

                                                                                   ‫على الاختلاف الواضح‬
   221   222   223   224   225   226   227   228   229   230   231