Page 221 - merit 47
P. 221
219 الخمسينيات ،ثم انفصال مصر وسوريا عام .1958
مصر وسوريا في مطلع علاوة على بناء السد العالي،
عن فم ِك الياقو ِت ،عن الستينيات مما كان له بالغ
نبوءة العذراء الآثر بداخله ،حيث تفكك والمساهمة في حركة عدم
حلم القومية العربية ،مما الانحياز ،مما أدى إلى رفع
عن ساعدي المقطوع ..وهو جعله يختلف عن التيار
لا يزال ممس ًكا بالراية السائد .كما كان وقع نكسة مستوي التحدي في وجه
المن َّكسة 1967كبي ًرا في نفوس القوي العظمي بالعالم .كل
عن صور الأطفال في الجماهير بعد الإنجازات هذه الأحداث الهامة لم تؤ ِت
الخوذات ..ملقا ًة على والانتصارات التي حفلت بثمارها على الشاعر المتمرد
الصحراء الذي رفض الانصياع وراء
عن جار َي الذي َي ُه ُّم بها مصر خلال فترة
بارتشاف الماء.. الخمسينيات والستينيات. المسلمات ،وحث الناس
لم يكن الأمر مجرد هزيمة على الرفض والثورة ،لذلك
فيثقب الرصا ُص رأ َسه ..في بل انكسا ًرا في نفس المواطن
لحظة الملامسة! الذي حاصرته الشعارات استخدم شعره لفضح
والهتافات من كل جانب، أسباب القهر والهزيمة
عن الفم المحش ِّو بالرمال بينما كان يشذ أمل دنقل التي لحقت بالوطن في
والدماء!! عن كل هذا .فقد آثر دنقل نهاية المطاف .يتضح هذا
أن يعري الواقع بما يحمله على سبيل المثال في قصيدة
أسأل يا زرقاء.. بين طياته من آمال وأحلام «الأرض ..والجرح الذي لا
عن وقفتي العزلاء بين مبالغ فيها ،لينحو باتجاه
ينفتح»:
السيف ..والجدا ْر! التصدي والمواجهة لكل الأرض ما زالت ،بأذنيها دم
عن صرخة المرأة بين السلبيات .ومن ثم ،فقد دعا
من خلال شعره المواطن أن من قرطها المنزوع،
ال َّسبي .والفرا ْر؟ قهقهة اللُّصوص تسوق
كيف حمل ُت العار.. يرفض الشعارات والزيف هودجها ..وتتركها بلا زاد،
ثم مشي ُت ،دون أن أقتل من حوله ،ويتصدي تش ُّد أصابع العطش المميت
نفسي ،دون أن أنهار!
ودون أن يسقط لحمي.. للأخطاء الداخلية والعدو على الرمال
من غبار التربة المدنسة!()12 الخارجي على حد سواء. تضيع صرختها بحمحمة
لم تتوقف آحزان الشاعر
عند هذا الحد ،بل شهد ويتجلي هذا في قصيدة الخيول.
التحول المفاجئ الذي مرت «البكاء بين يدي زرقاء الأرض ملقاة على
به البلاد بعد رحيل عبد الصحراء ..ظامئه،
الناصر فجأة أثناء حرب اليمامة»: وتلقي الدلو م َّرات..
الاستنزاف .ومثله كباقي أيتها العرافة المق َّدس ْة.. وتخرجه بلا ماء!
أبناء الشعب ،شعر بالتخبط جئ ُت إليك ..مثخنًا بالطعنات وتزحف في لهيب القيظ..
والخوف من المجهول، تسأل س َّممه المغول
حيث كانت فترة السادات والدما ْء وعيونها تخبو من الإعياء،
متقلبة ،ولكنها تعتبر فترة أزحف في معاطف القتلي، تستسقي جذور الشوك،
هامة في حياة دنقل .لقد تنتظر المصير الم َّر ..يطحنها
كتب خلالها قصيدة «أغنية وفوق الجثث المك َّدسة
الكعكة الحجرية» ،والتي منكسر السيف ،مغبَّر الذبول()11
بسببها ُمنع من التعامل لقد عاصر أمل دنقل العديد
مع الإذاعة والتليفزيون. الجبين والأعضا ْء. من النكسات ،تتمثل بدايتها
أسأل يا زرقا ْء.. في اعتقال المفكرين في أواخر