Page 218 - merit 47
P. 218
العـدد 47 216
نوفمبر ٢٠٢2 هي الكشف عن العالم وما
يتواجد بداخله بالإضافة إلى
تقاليد متشابهة ،وينشأ في بالإضافة إلى التخلص من اكتشاف المجهول .كان يرى
ظل قيم ثابتة ،أقرب إلى المجاز اللغوي دون إهمال
القيم القبلية ،يكون أشد شعرية الصورة .كما عمد أن الشعر ما هو إلا رسم
خشونة وحده عن غيره، إلى مزج التناقضات لتصوير بالكلمات يتجاوز به حدود
الحالات النفسية والشعورية السائد والمألوف .وهنا يكمن
والشعراء الجنوبيون عندما للتعبير عن الواقع ،حيث إن اللا مألوف حيث إن الواقع
يفرون إلى العاصمة فإن مقياس جودة الصورة يكمن والخيال لا يمكن أن يتواجدا
الإحساس بالحذر يتملكهم في قدرتها على الإيحاء. في نفس المكان ،فالواقع
جمي ًعا»( .)4لقد تجلى هذا فالشعر الحديث يتميز تحيطه الآلام بينما الخيال
التأثر في قصائده التي لا بنوع من الغموض لتقوية يسمو بالروح إلى عوالم أكثر
هذا الجانب الإيحائي، تفاؤ ًل .لهذا ،فقد انحاز أمل
تخلو من التحدي والمواجهة وبالتالي يبتعد عن التقريرية دنقل إلى الرفض ،مستخد ًما
والشجاعة ،بالإضافة إلى والمباشرة .إن الغموض في الشعر ليعبر به عن نظرته
الاستعانة بالتراث العربي شعر دنقل يحفز المتلقي المختلفة التي تبتعد تما ًما
لاكتشاف عوالم الإبداع عن النظرة المألوفة للواقع،
ليعبر بحرية عما يشعر به. لزيادة التشويق وكسر مستخد ًما عناصر الوجود
وبالنظر إلى نتاج أمل دنقل ليشكل بها عالمه الشعري
الشعري ،سنلاحظ أن هناك حاجز الملل. الخاص .كما اعتاد على أن
تقسيمات متباينة ،فالبعض لقد أثرت البيئة التي نشأ يلاحق العثرات والأزمات
فيها أمل دنقل على إبداعاته، التي تعاني منها البلاد من
يقسمها إلى مرحلتين،
وآخرون إلى ثلاثة .لقد وبالأخص في استخدام خلال الشعر ،فتلاحقت
قسم عبد الناصر هلال اللغة ،حيث يضفي على الصور في قصائده لتعبر
شعر دنقل إلى مرحلتين الشاعر الجنوبي طابع عن القلق والإحباط ،فبرز
القسوة والعنف والحدة الواقع مري ًرا يخيم عليه
فاعلتين كالآتى: كما يؤكد أمل دنقل بقوله:
المرحلة الأولى :وهي «ولكن الفارق الأساسي في شبح الموت .علاوة على
مرحلة ما قبل سنة :67 التكوين النفسي بين الشاعر تعطشه للحياة التي يأمل
مرحلة السذاجة الجمالية، القادم من الجنوب والشاعر بها؛ الحياة المليئة بالحرية،
أو مرحلة الإنشاد الشعري، الذي يعيش في الدلتا أن والعدالة ،والحق ،فخرجت
والتجربة التقليدية الطامحة انفساح الرقعة الخضراء في آماله وأحلامه في نتاجه
في التحرر من وجود الدلتا يعطي الشاعر نكهة الشعري« ،فالشعر ليس
الآخر ،وباحثة عن تفردها من الرخاوة والليونة بينما دائرة مغلقة تبدأ من ذات
إزاء الأزمات الشخصية شعراء الصعيد يتميزون الشاعر لتنتهي إليها ،ولكنه
والإنسانية التي مر بها بالحدة وإدراك التناقض علاقة جدلية بين الشاعر
الشديد»( .)3كما يرى دنقل
المجتمع. أن اللغة لها طابع خاص والناس»(.)2
المرحلة الثانية :وتعد أكثر لشعراء الجنوب «اللغة التي عمد دنقل إلى تشخيص
يستخدمها شعراء الصعيد المعاني المجردة ومظاهر
عم ًقا وثرا ًء ،وهي مرحلة فيها صرامة أشبه بالصخر، الطبيعة في صور كائنات
ما بعد هزيمة يونيو ،1967 فالصعيدي الذي يعيش في
حية تنبض بالحياة،
وقد شهدت تلك المرحلة
تجربتين مهمتين:
الأولى :الانكسار الوطني
والقومى /الانهيار العام،
وشهد أمل دنقل تحولاتها