Page 214 - merit 47
P. 214

‫التركيبة بطريقة البردوني‬                                    ‫العـدد ‪47‬‬                            ‫‪212‬‬
  ‫نفسه؛ فنقول إنه بمقدار‬
  ‫ما امتدت مفاهيم جديدة‬                                                       ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬      ‫فقد كان يشمل أديانهم‬
  ‫من المفاهيم القديمة‪ ،‬فقد‬                                                                      ‫وأخلاقهم وسائر ُنظم‬
     ‫استجدت مفاهيم ذات‬             ‫ومن مفهوم الوطنية‬
   ‫اتصال بالمفاهيم العالمية‬    ‫كما ظهرت قبل منتصف‬                                                 ‫حياتهم الاجتماعية‪.‬‬
 ‫المعاصرة لوظيفة الإبداع‪،‬‬     ‫القرن العشرين‪ ،‬بوصفها‬                                                   ‫فمن ذلك قوله‪:‬‬
     ‫ولحداثة التعبير التي‬
   ‫تجعله مختل ًفا عن تعبير‬        ‫قضية سياسية يدافع‬                                            ‫حيران أنت فأي الناس‬
  ‫القدماء‪ ،‬لهذا السبب نجد‬     ‫عنها الجميع‪ ،‬ومن مفهوم‬                                                          ‫تتبــع‬
   ‫إفصاح البردوني يتخذ‬         ‫شعر الإيقاظ الذي تطور‬
     ‫أشكا ًل مختلفة‪ ،‬تتآزر‬    ‫ليصير انصها ًرا بالوطنية‬                                     ‫تجري الحظوظ وكل جاهل‬
    ‫مع ما أسلفناه‪ ،‬وتقدم‬       ‫وتجربتها‪ ،‬ثم من مفهوم‬                                                           ‫طبـع‬
     ‫مفاهيمها متطورة من‬
    ‫مفاهيمه؛ وقد أسفرت‬             ‫المثقف العضوي كما‬                                       ‫والأم بالسدس عادت وهي‬
                                 ‫عرفه غرامشي‪ ،‬إذ هو‬                                                      ‫أرأف مــن‬
‫مفاهيمه الجديدة والمتجددة‬        ‫المثقف الذي ينتمي إلى‬
      ‫عن نفسها من خلال‬           ‫مجتمعه ويمنحه وعيًا‬                                         ‫بنت لها النصف أو ِعرس‬
                             ‫بمهامه‪ ،‬ويصوغ تصوراته‬                                                         ‫لها ال ُّربـع‬
  ‫تقنيات حداثية استعملها‬     ‫النظرية عن العالم‪ ،‬ويدافع‬
     ‫في شعره‪ ،‬مثل التقنع‬        ‫عن مصالحه‪ .‬لذلك فإن‬                                                      ‫ومنه قوله‪:‬‬
                              ‫إفصاح البردوني ورفضه‬                                         ‫هفت الحنيفة والنصارى ما‬
‫بالتاريخ والأمكنة والرموز‬     ‫للصمت‪ ،‬يندرج في مفهوم‬
‫والأساطير‪ ،‬واتخاذ الأرض‬           ‫ارتباط وطنية الشاعر‬                                                         ‫اهتدت‬
                             ‫بقوة الإفصاح عن الشعب‪،‬‬                                           ‫ويهود حارت والمجوس‬
     ‫حبيبة‪ ،‬يتم إنطاقها أو‬         ‫والانتصار لتطلعاته‪،‬‬
  ‫استنطاقها والاصغاء إلى‬         ‫والدفاع عنه‪ ،‬ومحاربة‬                                                         ‫مضلِّله‬
‫صوتها‪ ،‬وتحويل تحولاتها‬       ‫التواءات ساسته‪ ،‬والتبشير‬                                       ‫اثنان أهل الأرض ذو عقل‬
   ‫التاريخية إلى سرديات‪،‬‬
                                    ‫بالمآلات المشرقة في‬                                                          ‫بلا‬
                                             ‫مستقبله‪.‬‬                                       ‫دين‪ ،‬وﺁخر َد ّي ٌن لا عقل له‬

                             ‫وبوسعنا أن نعبر عن هذه‬                                                       ‫ومنه قوله‪:‬‬
                                                                                             ‫في اللاذقية ضجة ما بين‬

                                                                                                     ‫أحمد والمسيــح‬
                                                                                                ‫هذا بنا قوس يدق وذا‬

                                                                                                       ‫بمئذنة يصيح‬
                                                                                               ‫كل يشيد بدينه يا ليت‬
                                                                                                ‫شعري ما الصحيـح؟‬

                                                                                                          ‫ومنه قوله‪:‬‬
                                                                                            ‫ص ِّل وصم أو َو ُطف ِب َم َّك َة‬

                                                                                                               ‫زا ِئ ًرا‬
                                                                                               ‫َسبعي َن لا َسب ًعا َف َلس َت‬

                                                                                                              ‫ِبنا ِس ِك‬
                                                                                           ‫َج ِه َل ال ِديا َن َة َمن إِذا َع َر َضت‬

                                                                                                    ‫َل ُه َأطما ُع ُه َل ُيل َف‬
                                                                                                           ‫ِبالمُ َتما ِس ِك‬

                                                                                                 ‫أما أسلوب البردوني‬
                                                                                             ‫فيتناسج من عدة روافد‪،‬‬

                                                                                                 ‫من القديم الذي مثله‬
                                                                                               ‫شعر الرفض والتمرد‪،‬‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219