Page 209 - merit 47
P. 209

‫‪207‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫تعتبر سرديته فض ًحا‬              ‫الصراع الذي توقفت‬                             ‫منظارا‬
         ‫لسرديتها الملفقة‪:‬‬        ‫هيجاناته الصارخة عقب‬              ‫ولكنه يصطدم بسردية‬
                               ‫الضجة التي أحدثتها دعوته‬          ‫السلطة‪ ،‬ويصطدم بنمطية‬
  ‫يقولون‪ :‬هذا التظى ثور ًة‬      ‫الشهيرة إلى جلد الشعراء‪،‬‬             ‫الأكاديميين‪ ،‬وانتهازية‬
    ‫ومن عيبه أنه ما يزا ْل‬                                       ‫الحزبيين‪ ،‬وعادية المثقفين‪.‬‬
      ‫أما الأكاديميون فهم‬            ‫قبل نهاية سبعينيات‬             ‫كان يصطدم بتوجهات‬
   ‫مجرد موظفين ينفذون‬           ‫القرن العشرين‪ ،‬تحول إلى‬         ‫السلطة ورغباتها في توجيه‬
                                 ‫حرب ماكرة تمترست في‬               ‫دفة قراءة الوقع بالشكل‬
 ‫الأوامر‪ ،‬والمتميزون بينهم‬       ‫إغماض السلطة عينها على‬        ‫الذي يلائمها‪ ،‬في الوقت الذي‬
‫يعتبرون مغامرات سرديته‬                                            ‫كانت قراءات الأكاديميين‬
                                  ‫قذى إفصاحاته‪ ،‬دون أن‬          ‫والمبدعين والمثقفين تصطدم‬
    ‫وكشوفاتها من خارج‬          ‫تتخلى عن التحريض الخفي‬             ‫في معظمها مع رؤيته؛ إما‬
               ‫مناهجهم‪:‬‬                                            ‫لارتباطها برؤية السلطة‬
                                  ‫ضدها‪ ،‬وقد انعكس ذلك‬          ‫ودفع السلطة لها إلى مجابهة‬
 ‫تحامى قصائدك الناقدون‬          ‫بوضوح من خلال تجاهل‬                ‫رؤيته صراحة أو إيحا ًء‪،‬‬
  ‫وأ ُّي ي ٍد تلمس الإشتعا ْل‬   ‫الرسائل الجامعية لشعره‪،‬‬             ‫وإما بدوافع قطيعية أو‬
 ‫أليس (الدكاتير) يخشون‬                                         ‫ذاتية‪ ،‬سببها الامتثال المؤدلج‬
                     ‫َم ْن‬        ‫وإشاعة القول في أروقة‬         ‫لتوجه ما‪ ،‬أو القراءة الأفقية‬
                                    ‫الجامعة بعدم منهجية‬          ‫التي تشخصن الخلاف‪ ،‬أو‬
‫يقول الذي ينبغي أن ُيقا ْل؟‬                                     ‫تنظر اليه من خلال تجلياته‬
     ‫لهم أن يصونوا دماء‬           ‫ما يكتبه في الأدب والنقد‬          ‫الآنية والسطحية‪ ،‬ومن‬
                   ‫الدواة‬                ‫والفكر والتاريخ‪.‬‬       ‫واقع قصورها عن الإحاطة‬
     ‫وللشعب أن لا يراهم‬                                              ‫بدخائل المختلف عليه‪،‬‬
                   ‫رجا ْل‬           ‫وإذن فقد كانت أسرار‬             ‫وعجزها عن استحضار‬
                                  ‫البردوني ترتبط ارتبا ًطا‬           ‫أشباهه ونظائره‪ .‬لكن‬
  ‫بذا صن َت فنَّك منهم‪ ،‬كما‬      ‫شرطيًّا بسرديته المختلفة‪،‬‬
     ‫يصون الجميلة عن ُف‬           ‫وكانت سرديته المختلفة‬
                  ‫ال َجما ْل‬       ‫ترتبط بثوريته‪ ،‬وإيمانه‬
                                 ‫بضرورة أن يكون صوت‬
  ‫المثقفون الحزبيون أكثر‬
      ‫ترد ًيا فهم تربوا على‬              ‫من لا صوت له‪:‬‬
     ‫القطيعية‪ ،‬وجبلوا على‬           ‫أتمنح ك َّل َصمو ٍت ف ًما‬
    ‫التصرفات الانتهازية‪،‬‬             ‫إذا باح أسقى الرياح‬
       ‫واعتادوا على البيع‬           ‫ال ِّصيا ْل‬
                ‫والشراء‪:‬‬           ‫لذلك كان‬

‫تبذر الأوراق‪ ..‬لكن مالها‪..‬‬            ‫يواجه‬
  ‫في يديه اتسخت من قبل‬         ‫السلطة بشكل‬
                   ‫تثمر؟‬
      ‫لم يكن غير أجير‪ ،‬لا‬            ‫مباشر‪:‬‬
                  ‫تخف‪..‬‬        ‫فظيع جهل ما‬
  ‫إن أغبى منك‪ ،‬من سوف‬          ‫يجري وأفظع‬
                   ‫يؤجر‬        ‫منه أن تدري‬
       ‫من‪ ،‬إلى‪ ،‬مثل ذباب‬
                 ‫يرتمي‪..‬‬         ‫وهل تدرين‬
  ‫مثل ذكرى‪ ،‬لا تلاقي من‬            ‫يا صنعاء‬
                    ‫تذكر‬
                                ‫من المستعمر‬
                                     ‫السري‬

                                 ‫لكن السلطة‬
   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214