Page 205 - merit 47
P. 205

‫‪203‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

 ‫أولئك الذين تعرضوا للبطش‬        ‫التفسير‪ ،‬والبحث في الكيفية‬   ‫ففي قصيدة «هما مين» يقول‪:‬‬
 ‫والطغيان‪ ،‬فالمعاناة الإنسانية‬     ‫التي يتعامل بها مع المكان‬          ‫إحنا مين‪ ،‬وهما مين‬
 ‫والإحباط وما نتج عنهما من‬        ‫في حالات الاتزان أو الرغبة‬            ‫إحنا الفعلا البناين‬
‫حالة الصراع ساهما في توهج‬          ‫في الخلاص‪ ،‬والكيفية التي‬
                                   ‫قاوم بها (الحرية السلبية)‬      ‫إحنا ال ُسنة واحنا الفرض‬
    ‫قريحته الشعرية‪ ،‬وسعيه‬                                      ‫إحنا الناس بالطول والعرض‬
‫للتخلص من التبعية‪ ،‬وهروبه‬         ‫في السجون والمعتقلات‪ ،‬من‬
 ‫نحو (النحن)‪ ،‬ربما كان ذلك‬        ‫خلال عدم الانصياع للعزلة‬         ‫من عافيتنا تقوم الأرض‬
                                                                    ‫وعرقنا يخضر بساتين‬
  ‫هو السبب الأوضح لإحكام‬            ‫والعجز‪ ،‬وإرساء (خطاب‬             ‫حزر فزر‪ ،‬شغل مخك‬
 ‫نسيج القصائد من الإضمار‬             ‫الوعى) الموجه من خلال‬      ‫شوف مين فينا بيخدم مين‬
‫إلى التصريح؛ فأصوات العامة‬        ‫القصائد‪ .‬ولأن الشاعر أخذ‬        ‫لم يبق الشاعر هنا أسي ًرا‬
  ‫ُتعد تعضي ًدا لموقف المقاومة‬   ‫على عاتقه مهمة نبذ الطائفية‬      ‫لتفسيرات أحادية للأمور؛‬
                                ‫والطبقية والعنصرية‪ ،‬والدفاع‬       ‫اتضح ذلك في تبني فكرة‬
                                    ‫عن المظلومين؛ فهو لسان‬       ‫التحريض على يقظة (العقل‬
                                ‫ناطق باسمهم‪ ،‬خاصة أنه من‬         ‫الجمعي)‪ ،‬من خلال رصد‬

                                ‫أحمد فؤاد نجم‬                         ‫المفارقات القائمة بين‬
                                                                ‫الاستبداد السلطوي‪ ،‬والقمع‬

                                                                  ‫الذي يعتمد على التجهيل‪،‬‬
                                                                ‫وبين الانفتاح الذي يؤسس‬

                                                                   ‫لطاقات لغوية تفسر ذلك‬
                                                                     ‫الإدراك العالي للحقائق‬

                                                              ‫والإنصاف في إصدار الأحكام‪.‬‬
                                                               ‫كأن الضمير الشعري المقابل‬
                                                                   ‫للوعى الجمالي؛ يتجلى في‬
                                                              ‫المخاتلات اللغوية التي تعكس‬
                                                                ‫معاناته؛ فالشاعر لم يستعر‬
                                                                ‫خطاب (الآخر) الثقافي؛ إنما‬
                                                                  ‫حاول استيعاب التحولات‬
                                                                   ‫التي شهدها المجتمع من‬
                                                                  ‫خلال مواجهة (الصراع)‪،‬‬
                                                                   ‫تلك المواجهة القائمة على‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210