Page 200 - merit 47
P. 200

‫العـدد ‪47‬‬                             ‫‪198‬‬

                                ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬                        ‫فضا ًء حاضنًا لشخصيات‬
                                                                            ‫وأحداث عدائية‪.‬‬
    ‫استحضارها من الماضي‬          ‫العربية؛ ولأن (المكان) جزء‬
‫اعتما ًدا على الموروث الذهني؛‬     ‫من رسالة الشاعر الأدبية؛‬       ‫ثان ًيا‪ :‬المكان النفسي‬
                                ‫فارتباطه به يفسر لنا أحواله‬        ‫المتخيل وثنائية‬
   ‫كما في قصيدة «يا بهية»‪:‬‬      ‫النفسية والفكرية‪ ،‬لذا قال في‬
            ‫يا بهية وخبرينا‬       ‫قصيدة «غنوة سلام» التي‬         ‫(الإرادة‪ /‬الفردانية)‬
                                 ‫كتبها في معتقل القناطر عام‬
          ‫ع اللى جتل ياسين‬                                       ‫(المكان) الذي عبر عن البنية‬
      ‫في الصحرا وفى المدينة‬                         ‫‪:1969‬‬       ‫الفكرية هو الحيز الذي حمل‬
                                         ‫قد إيه القلب يعشق‬
        ‫اليوم دا ومن سنين‬               ‫لو سمع غنوة سلام‬          ‫عمليات التفاعل بين (ذات)‬
    ‫ناس تمشي وناس تجينا‬                 ‫قد إيه والغنوة تحلا‬        ‫الشاعر والعالم الخارجي؛‬
                                                                   ‫بالتالي قد يكون هذا المكان‬
            ‫واحنا متبعترين‬                 ‫لو بدينا بالسلام‬       ‫( ُحل ًما) بالنسبة له أو داف ًعا‬
   ‫هنا تتج َّل وظيفة القصائد‬          ‫زوقوكي الناس يا دنيا‬      ‫(للخلاص) حسب ما تقتضية‬
  ‫التعبيرية القادرة على رصد‬                                     ‫العلاقات؛ يدفعنا ذلك لتناول‬
    ‫واقع الأحداث‪ ،‬ووظيفتها‬               ‫بالكلام عن السلام‬          ‫(السجن) مث ًل كمكان له‬
‫التفسيرية التي تجسد مظاهر‬               ‫والكلام غير الحقيقة‬        ‫تجلياته في قصائد الشاعر‬
 ‫الأحداث القمعية‪ ،‬وأسبابها؛‬
    ‫فنجد أن مواجهة الشاعر‬                ‫والعمل غير الكلام‬           ‫باعتباره ‪-‬أي السجن‪-‬‬
    ‫للصراع أدت به إلى تبني‬      ‫للمكان (النفسي) قيمته أي ًضا‬     ‫مؤسسة للمراقبة أو العقاب؛‬
 ‫عالم مثالي عبر (المتخيل)‪ ،‬أو‬    ‫في قصائد الشاعر‪ ،‬باعتباره‬       ‫والكيفية التي تم بها تحويله‬
  ‫يمكننا القول إنه عند غياب‬
                                  ‫دا ًّل على الذكريات التي يتم‬       ‫إلى أفق للحلم‪ ،‬والتوافق‬
                                                                  ‫عبر (المتخيل) تجعل المكان‬
‫الشيخ إمام عيسى وأحمد فؤاد نجم‬
                                                                     ‫ذا دلالة بوصفه مؤط ًرا‬
                                                                     ‫للأحداث والوقائع‪ ،‬ففي‬
                                                                 ‫قصيدة «قال الراوي» يقول‪:‬‬

                                                                              ‫الحلم في العلم‬
                                                                      ‫بكرة اللي جاى أخضر‬

                                                                           ‫والشعر في الحلم‬
                                                                            ‫فارس بيتمخطر‬
                                                                        ‫راكب حصان السبق‬
                                                                         ‫شاهر حسام قاطع‬
                                                                           ‫رايح يجيب النبأ‬
                                                                            ‫زى النهار طالع‬
                                                                 ‫الخيال هنا هو مطية الشاعر‬
                                                                 ‫في تصوير المكان‪ ،‬متأرج ًحا‬
                                                                 ‫بين الواقع القمعي والمتخيل‬
                                                                ‫المشرق‪ ،‬والتاريخي الغاضب‬
                                                                   ‫في ظل رهانات الانسحاق‬
                                                                 ‫النفسي التي تفرزه الساحة‬
   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205