Page 198 - merit 47
P. 198

‫العـدد ‪47‬‬                            ‫‪196‬‬

                                ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬                        ‫عن حدث ما دال؛ يستمد‬
                                                                   ‫دلالته من تشتت الأفراد‬
  ‫إنتاج واقع أفضل‪ ،‬يتماهى‬                 ‫قوامها (الصراع)‪.‬‬         ‫وضياعهم؛ عملية التذوق‬
‫ذلك مع تأكيد أنصار النظرية‬        ‫مع ملاحظة أن (الصراع)‬            ‫هذه عند الشاعر تتم على‬
                                ‫الذي يختلف باختلاف آلياته‪،‬‬     ‫نحو تلقائي دون جهد ذهني؛‬
   ‫الإنسانية في النقد النفسي‬       ‫بدأت جذوره عند الشاعر‬        ‫حيث إن تأمله للواقع أصبح‬
  ‫على الجوانب المميزة للمبدع‬      ‫أحمد فؤاد نجم ضد الجهل‬        ‫تأم ًل لذاته المتألمه؛ فيقول في‬
                                 ‫المفروض عليه بحكم ظروف‬             ‫قصيدة «جنون لبنان»‪:‬‬
      ‫مثل‪ :‬الإرادة‪ ،‬والحرية‪،‬‬                                         ‫آدينا في العذاب صحبة‬
   ‫والمسؤولية‪ ،‬وكيف يكون‬              ‫تنشئته الصعبة‪ ،‬والتي‬      ‫وفوق نفس الطريق سايرين‬
  ‫للإنسان اهتمام بمشكلات‬            ‫لم تمنعه عن المشاركة في‬
 ‫العالم حوله‪ ،‬مع إدراكه لهذا‬      ‫المظاهرات التي هزت مصر‬               ‫ومهما تبعد الصحبة‬
  ‫العالم كما هو لا كما يحب‪.‬‬         ‫عام ‪ ،1946‬ثم سعيه بعد‬           ‫أكيد واصلين ومتقابلين‬
                                   ‫ذلك لتعلم القراءة والكتابة‬
 ‫أو ًل‪ :‬الانتماء لقضايا‬                                               ‫لا غرابة في ذلك؛ لأن‬
  ‫المقاومة‪ ،‬وثنائية‬                        ‫معتم ًدا على ذاته‪.‬‬       ‫(الأحكام الإدراكية) هى‬
  ‫(الحرية‪ /‬التمرد)‬               ‫فإذا كان مفهوم (الخلاص)‬             ‫التي ُتظهر الفروق بين‬
                                ‫يشير إلى الدافع ويستمر دا ًّل‬  ‫الشعراء في مسايرة (الجماعة‬
                ‫هنا شقلبان‬                                      ‫السيكولوجية) أو الخضوع‬
   ‫محطة إذاعة حلاوة زمان‬           ‫على خطاب (الصراع) بين‬        ‫لها؛ ولأن الشاعر يدخل مع‬
   ‫من القاهرة‪ ،‬ومن كردفان‬          ‫(الذات) والعالم الخارجي‬         ‫الأفراد في منظومتين من‬
 ‫وسائر بلاد العرب‪ ،‬واليابان‬                                        ‫العلاقات؛ أولها‪ :‬علاقاته‬
 ‫ومن فنزويلا‪ ،‬وأي ًضا إيران‬            ‫في ظل (حاكم) الدولة‬           ‫بهم‪ ،‬وثانيها‪ :‬علاقاتهم‬
‫ومن أى دار‪ ،‬أو بلد مستباحة‬            ‫مث ًل؛ فالشاعر يرى أن‬      ‫جمي ًعا بالمجتمع الخارجي؛‬
 ‫بفعل السياحة مع الأمريكان‬        ‫(المحكوم) أي ًضا مشارك في‬      ‫يتحول التعبير عن (الذات)‬
                                  ‫الظلم والاستبداد من خلال‬      ‫من سلوك عفوي إلى سلوك‬
      ‫تحقيق الحرية من أهم‬          ‫مسايرة السياق السلطوي‬           ‫مقصود يهدف إلى إعلان‬
 ‫أهداف الشاعر التي في ظلها‬         ‫والمسكوت عنه؛ لذلك كان‬          ‫(الاستقلالية) و(التفرد)‬
‫يقرر الإنسان مصيره‪ ،‬وينال‬           ‫طبيعيًّا أن يتطور مفهوم‬        ‫من خلال التعاون المثمر‪،‬‬
  ‫حقوقه‪ ،‬ويتنفس الصعداء‪،‬‬           ‫(الخلاص) في قصائده إلى‬        ‫والنشاط المتبادل المشترك‪،‬‬
                                ‫ضرورة أن يسعى الأفراد إلى‬         ‫ومحاولة إخضاع المجتمع‬
      ‫ربما لذلك نجد الحوار‬       ‫أن يخلصوا أنفسهم بد ًل من‬        ‫السلطوي لتلبية مطالبهم؛‬
  ‫التواصلي المتعلق بال ُّسلطة‪،‬‬
  ‫ومراقبة (الآخر) من خلال‬                   ‫انتظار المخلِص‪.‬‬           ‫وهو الأمر الذي أفرز‬
    ‫دحض الكوابح المجتمعية‬          ‫يلخص ذلك مرحلة الوعى‬           ‫واق ًعا اجتماعيًّا جدي ًدا ‪-‬في‬
   ‫القائمة على (الدوجماتية)‪،‬‬    ‫السياسي التي مر بها‪ ،‬والتي‬
                                ‫امتدت من عام ‪1967 :1940‬‬             ‫قصائده‪ -‬يتسم بالثراء‬
    ‫و(الاستعلاء) واضح في‬          ‫وإيمانه بالمقاومة والرفض‬     ‫والتنوع؛ فعندما يكون صوت‬
  ‫قصيدة‪« :‬بلدي وحبيبتي»‪:‬‬          ‫المعلن‪ ،‬واعتراضه على حالة‬
                                    ‫عدم السلم وعدم الحرب‬          ‫الاستبداد أعلى من صوت‬
         ‫كمموني يا حبيبتي‬        ‫التي شهدتها مصر منذ عام‬            ‫ال ِشعر؛ يلجأ الشاعر إلى‬
          ‫كتفوني يا حبيبتي‬         ‫‪ ،1970 :1967‬لاغرابة إ ًذا‬     ‫(الرمزية)‪ ،‬فتتحول العلاقة‬
          ‫قوموني‪ ،‬قعدوني‬         ‫في أن يصدر الشاعر أحكامه‬        ‫بينه وبين النظام السلطوي‬
‫كل شعره فــ جسمي بالعين‬            ‫الإدراكية في قصائده‪ ،‬ولا‬         ‫القمعي إلى علاقة تضاد‬
                                 ‫يدع القصيدة تنتجها وحدها‬
                   ‫فتشوها‬         ‫رف ًعا لدرجة التحريض على‬
     ‫وانتهى التفتيش مفيش‬

       ‫صدقيني ما تخافيش‬
   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202   203