Page 203 - merit 47
P. 203

‫‪201‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

       ‫الفكر يمتلك شخصية‬             ‫وتكرار كلمة (أنا) يعني أن‬       ‫لنا»‪ ،‬وفي قصيدة‪« :‬الصوت‬
  ‫اعتبارية لديها من الأدوات‬         ‫الشاعر يدرك نفسه بوصفه‬           ‫المصري» يكرر «في فاضي‬
                                                                      ‫اتعين قاضي‪ /‬فيه قاضي‬
      ‫والرؤية ما يمكنها من‬               ‫موجو ًدا مستق ًّل وكأن‬      ‫أسا ًسا فاضي‪ /‬فيه قاضي‬
        ‫رصد الواقع وآليات‬               ‫الإحساس بال ُهوية يعني‬      ‫صحيح مش فاضي»‪ ،‬معنى‬
                                         ‫تجاوز الروابط الأولية‪،‬‬       ‫ذلك أن ارتكاز الشاعر في‬
 ‫(الصراع) مع (الآخر)؛ ذلك‬           ‫وبذلك تتشكل ال ُهوية الذاتية؛‬
   ‫أن الخطاب الشعري يفقد‬             ‫فيقول في قصيدته الشهيرة‬             ‫قصائده على التكرارات‬
    ‫طابعه السياسي في حال‬             ‫التي غناها الشيخ إمام «أنا‬        ‫المتعددة ساهم في توجيه‬
                                                                      ‫خطابه الأدبي حول المكان‬
 ‫انفصاله عن وعى (الجماعة‬                  ‫اتوب عن حبك أنا؟!»‪:‬‬           ‫وما فيه من شخصيات‬
 ‫السيكولوجية)‪ ،‬يمكننا أي ًضا‬             ‫أنا اتوب عن حبك أنا؟!‬         ‫وأحداث‪ ،‬من خلال اللغة‬
                                                                        ‫الشعرية؛ فإذا بالشاعر‬
     ‫اعتبار (الوعى الجمالي)‬                ‫أنا ليا فـ بعدك هنا؟!‬   ‫يستبصر العلاقة القائمة بين‬
 ‫بالواقع المصري لديه‪( ،‬وعيًا‬                     ‫وان غبت سنة‬           ‫الانفعالات والأفعال‪ ،‬تلك‬
                                                  ‫أنا برضه أنا‬        ‫العلاقة التي تتم بالانتقال‬
    ‫بالمكان)؛ وهو الأمر الذي‬
‫يدفعنا لتبني فكرة «أرسطو»‬            ‫وإذا كان الضجر كفعل من‬                ‫زمنيًّا من الماضي إلى‬
  ‫عن وحدة الفعل في المأساة؛‬           ‫أفعال (الوعى) ُيعد طري ًقا‬    ‫الحاضر والعكس‪ ،‬فيقول في‬

     ‫بمعنى أن ال ِشعر يمتلك‬               ‫تسلكه (الذات) باتجاه‬              ‫قصيدة «في الليل»‪:‬‬
     ‫القدرة على تحديد العلل‬         ‫(اللاذات)‪ ،‬نلاحظ من خلال‬                     ‫وينام الصوت‬
   ‫الأساسية لحركة التاريخ‪.‬‬
                                       ‫القصائد استيعاب الشعر‬       ‫والكون حواليه ساكن نعسان‬
        ‫خاتمة‬                       ‫للمعاني الإنسانية؛ فالشاعر‬                     ‫وكأن الموت‬

‫يمكننا الآن التعامل مع قصائد‬            ‫يختار الوقائع التاريخية‬                 ‫رمى تقله عليه‬
    ‫أحمد فؤاد نجم باعتبارها‬             ‫بتأثرها الحقيقي‪ ،‬وكأن‬                     ‫سكت العيان‬
                                          ‫(مخيلته) تعمل بشكل‬
  ‫ردا ًء ثقافيًّا معرفيًّا اكتسبها‬   ‫انتقائي كعملية المونتاج‪ ،‬لذا‬     ‫(التكرار) ساهم أي ًضا في‬
       ‫عبر التفاعل الإنساني‬          ‫يمكننا اعتبار (ذاته) معبرة‬    ‫تأكيد الشاعرية التي تستجلي‬
                                    ‫عن فعل الوعى للموضوعات‬         ‫(انفعال الحزن)؛ والإستفهام‬
 ‫الواعي‪ ،‬هذا التفاعل الذي تم‬           ‫التي تم تذكرها وقد غاب‬
   ‫التعبير عنه من خلال اللغة‬                                         ‫بـ(فين) في قصيدة «قيدوا‬
                                          ‫عنها الحضور الذاتي‪،‬‬       ‫شمعة»‪ ،‬جاء بحثًا عن المكان‬
     ‫دون تسليم أو استعلاء؛‬             ‫(موضعة الذات) هنا هى‬
  ‫فهو لم يسع لوصف حدود‬               ‫الغاية القصوى التي يسعى‬                            ‫الآمن‪:‬‬
  ‫السجن مث ًل باعتباره مكا ًنا‬        ‫إليها الشاعر‪ ،‬والتي برزت‬              ‫من هنا سكة ملامة‬
                                     ‫في قصيدة «يا عرب»‪ ،‬حيث‬                 ‫من هنا سكة ندامة‬
      ‫عدائيًّا؛ لأن كل ما يبغيه‬                                           ‫سكتين ياللا السلامة‬
   ‫هو دلالته الرمزية‪ ،‬ورصد‬                              ‫يقول‪:‬‬        ‫أمشي فين يا ناس قولولي؟‬
    ‫معاناة السجناء‪ ،‬والكيفية‬               ‫يا عرب في أي مصر‬         ‫نلاحظ أي ًضا أن (تكرار ذكر‬
  ‫التي استثمروا بها طاقاتهم‬          ‫إسمعوا صوت شعب مصر‬                 ‫المدن والأماكن العربية)‬
                                            ‫إحفظوا لمصر المكان‬      ‫يشي بقيمتها ومكانتها لدى‬
     ‫المتمردة الرافضة للقمع؛‬             ‫واحنا ع العهد اللي كان‬    ‫الشاعر‪ ،‬و(تكرار الاستفهام)‬
  ‫لذا فعلاقة الشاعر بالسجن‬                 ‫مصر أوفى م الزمان‬          ‫يشي بحالة التوتر والقلق‬
                                     ‫وانتوا عارفين شعب مصر‬           ‫التي سيطرت على الشاعر‪.‬‬
    ‫كمكان يمكننا إدراكها من‬               ‫فالشاعر على مستوى‬
    ‫خلال فكرة المقاومة؛ فإذا‬
      ‫كانت السياسة تعمل في‬
   ‫حقل الأفعال؛ فإن الدوافع‬
   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208