Page 206 - merit 47
P. 206
العـدد 47 204
نوفمبر ٢٠٢2 عبد الله البردوني
()1999 -1929
السخرية والتهكم ،واستثمار قار ًئا حصي ًفا يعرف جي ًدا على مدار حياته مثَّل الشاعر
الازدواج الدلالي للألفاظ ،توجيه الكلام: واح ًدا من أعمدة
وتقابل الألفاظ وإحالاتها المقاومة والممانعة
من دعتني؟ تخشين ماذا؟
تضا ًّدا وتنافيًا ،واستنطاق سآتي والرفض في
لحظة ريثما أل ّم شتاتي ما سيكون بمعرفة ما كان الشعر العربي
وأوازي بيني وبيني وسيري في الماضي وما يعتمل في المعاصر ،وقد
بين جدوى توجهي والتفاتي الحاضر ،وتخليق غرابة امتلأت دواوينه
الأحكام من غرابة الأسئلة، بعشرات القصائد
وأعيد الذي تركت ورائي بوصفها أقوى المترجمات الرافضة أو الهاجية الساخرة
من ضلوعي ومن صبا لغرابة الواقع وشعوره أو الكاشفة المعرية للقبح
أغنياتي بالغربة فيه .هنا يجدر بنا أن والفساد ولرذائل الساسة،
نلفت الانتباه إلى أن البردوني وسوء أحوال اليمن خاصة
إن الشعر بالنسبة للبردوني
والعرب عامة.
يتحدث عن الشعب من خلال «رحلة ابن شاب قرناها»
القصيدة السادسة في ديوانه
ذاته ،أو يتحدث عن ذاته الثالث عشر ،وهو ديوان
يحمل نفس الاسم «رحلة
من خلال الشعب ،فرحلة ابن شاب قرناها» هي سيرة
البردوني نفسه ،فعلى مدار
ابن شاب قرناها ،بقدر مئة وثلاثة وستين بيتًا،
يستغور بطريقة رمزية
ما هي رحلته ،فهي رحلة
رحلته في الحياة ،حيث
أبناء الشعب ،رحلة المواطن يمتلئ النص بطائفة واسعة
علوان الجيلاني الصالح الذي صار غريبًا في من المطبات والمنغصات
زمانه .أما شاب قرناها فهي والمواجع ومن المضحكات
(اليمن) اليمن بكل تأكيد. والمبكيات التي تتابع
مفارقاتها لتشمل وجوه
القصيدة المقاومة في شـ الواقع في كل تجلياته ،وهو
تجتمع يستعين على ذلك بفاعلية
فيها الدراما حيث يتآزر السرد
أنفاس والحوار في المشاهد المتتالية،
الموت بالصمــت وأثناء ذلك يلجأ البردوني
قصائد
سابقة كعادته إلى تخصيب
النص بالرموز التاريخية
للبردوني
والحكايات والأساطير
من بينها «وردة من دم الشعبية ،واستدعاء الأشباه
المتنبي»« ،تحولات يزيد بن والنظائر ،وتفعيل حس
مفرغ الحميري»« ،كائنات
الشوق الآخر» ،من مطلع
القصيدة إلى البيت السادس
والعشرين ،يتحدث البردوني
عن القصيدة ،القصيدة
التي تساوي ذات الشاعر،
وتساوي الوطن في نفس
الوقت .حتى ليلتبس الخطاب
أحيا ًنا على القارئ إن لم يكن