Page 204 - merit 47
P. 204

‫العـدد ‪47‬‬                             ‫‪202‬‬

                               ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬                        ‫السيكولوجية للشاعر ذات‬
                                                               ‫مصادر غير متوقعه ولا يمكن‬
     ‫أنا الأديب ولا تعرفنيش‬              ‫دبروها‪ ،‬وفصلوها‬       ‫التكهن بها‪ ،‬نستطيع من خلال‬
    ‫تقرالي لكن ما تشوفنيش‬               ‫بالمقاس لبست قفايا‬
 ‫كلامي لا هو مدهون ورنيش‬        ‫وانطلا ًقا من قصائد الشاعر‬         ‫هذا المنظور اعتبار الدافع‬
                                      ‫الصراعية القائمة على‬       ‫إلى الحرية يرتكز على نزوع‬
       ‫ولا المعاني عليها غبار‬     ‫الاحتجاج والتمرد؛ وجدنا‬
       ‫شقع بقع يا ديل الفار‬      ‫أنه يلجأ دائ ًما إلى التصدي‪،‬‬       ‫الشاعر نحو التوكيد على‬
‫فهو لا يميل إلى (المسايرة) أو‬  ‫فهو صاحب وظيفة اجتماعية‬                            ‫خياراته‪.‬‬
  ‫الخضوع لضغوط (الجماعة‬         ‫تتلخص في وضوح وصلابة‬
    ‫السيكولوجية)؛ لذا اتسم‬     ‫دوره الذي يسعى إلى تعزيزه؛‬          ‫وإذا كان أدب تيار الوعى‬
  ‫بوضوح السلوك وبساطته‪،‬‬        ‫لذلك يقول في قصيدة «شاعر‬         ‫أد ًبا سيكولوجيًّا؛ ينبغي علينا‬
‫والبعد عن (الرياء الاجتماعي)‬
    ‫حتى أن (الصراع) يؤدي‬                          ‫أوكره»‪:‬‬        ‫دراسة القصائد عند النقطة‬
  ‫في الغالب إلى نتائج إيجابية‬       ‫الطبل غير الشعر يا واد‬       ‫التي يختلط فيها علم النفس‬
   ‫تنعكس بشكل أو بآخر في‬                                        ‫بالمعرفة العقلية؛ لأن الشاعر‬
     ‫قصائده‪ ،‬منها الحكي أو‬                     ‫ما تهبلشي‬       ‫دائ ًما يمارس قلقه ومعاناته في‬
 ‫المونولوج الذهني مع النفس‪،‬‬        ‫وأى شخص يكون شاعر‬             ‫المسافة الفاصلة بين الإرادة‬
 ‫أو الحوار مع الآخر الحقيقي‬                                     ‫والخيار ‪-‬هذا الذي يتمثل في‬
   ‫أو المتخيل‪ ،‬كما أن قصائده‬                   ‫ما يطبلشي‬         ‫انتقاء أمثل الأدوات وصو ًل‬
   ‫بقدر ما ُتفصح عن أحداث‬          ‫يا تقول كلامك من جواك‬       ‫إلى الحرية المطلوبة‪ -‬باعتبارها‬
      ‫ووقائع‪ ،‬تحجب أحدا ًثا‬                                    ‫ُتكمل ما نقص في الإنسان من‬
  ‫أخرى؛ فعندما ُيصرح تعلو‬                      ‫يا متقبلشي‬      ‫فضائل؛ إذ إن الحرية المرتبطة‬
   ‫في قصائده نبرة الاستنكار‬        ‫ربما لذلك أي ًضا استخدم‬
   ‫والتصدي والتمرد ورفض‬           ‫صيغة الأمر للإفصاح عن‬             ‫بالكمال الإنساني مسألة‬
 ‫القيود‪ ،‬وعندما ُيضمر تمتزج‬    ‫رؤية الواقع‪ ،‬وهذا يؤكد حال‬        ‫أنطولوجية متصلة بانحيازه‬
‫لغته بمشاعره الحالمة التي قد‬    ‫(التسامي) فوق المعاناة‪ ،‬وله‬
‫تتوقف فجأة ليعبر مرة أخرى‬       ‫دلالته على التحذير من الغفلة‬       ‫الفردي وتأثيره في العقل‬
     ‫عن غضبه؛ فنراه يرصد‬           ‫والميل عن القصد الأسمى‬        ‫الجمعي من خلال القصائد‪،‬‬
     ‫الواقع المصري والعربي‬          ‫وهو الحرية‪ ،‬في قصيدة‬
  ‫المعاصر‪ ،‬وكأنه يقاوم فكرة‬                                        ‫تلك الحرية التي تتجلى في‬
  ‫اضمحلال الذات الاجتماعية‬                 ‫«حرب الشعب»‪:‬‬         ‫احترامه للإنسان بمعزل عن‬
 ‫وتحللها بفعل الصراعات وما‬          ‫ما تقوليش‪ ،‬ما تعدليش‬         ‫الذوات النخبوية‪ ،‬ربما لذلك‬
 ‫ينتج عنها من فقدان للاتزان‬    ‫حرب الشعب وغيرها مافيش‬            ‫جاء (التكرار) كأداة تصوير‬
   ‫النفسي‪ ،‬بمعنى آخر كأننا‬       ‫ما تقوليش الجيش مسؤول‬           ‫نفسية تتعلق بوعى المجتمع‬
    ‫أمام الشاعر الذي يسعى‬            ‫جيش من غير شعب ما‬
‫بشكل مستمر لإجبار المجتمع‬                                           ‫المأزوم في أوقات المِحن‪.‬‬
      ‫المغلوب على إنتاج أفكار‬                    ‫يمشيش»‬          ‫ولأن النفس التي تتطلع إلى‬
  ‫إبداعية جديدة؛ فلا نندهش‬      ‫وفي قصيدة «محكمة» يقول‪:‬‬           ‫الحرية‪ ،‬قد تكون هى ذاتها‬
     ‫من احتواء القصائد على‬
  ‫تعبيرات فنية تكشف آليات‬           ‫إسمع وشوف ما حصل‬                 ‫السبب الرئيس لانبثاق‬
   ‫القسوة والعنف والمقاومة‪،‬‬            ‫برضه السمع واجب‬             ‫الصراع؛ فاستخدام الرمز‬
                                                               ‫يمثل صرا ًعا داخليًّا يتضح في‬
                                   ‫لاحظنا أي ًضا التطابق بين‬
                                      ‫وظيفة (الأنا) ودرجة‬                ‫قصيدة «القضية»‪:‬‬
                                                                  ‫ديب غريب من غير كمامة‬
                                ‫(الوعى) لدى الشاعر‪ ،‬اتضح‬
                                    ‫ذلك في القصائد المكتوبة‬           ‫يهبش التوب والعباية‬
                                                                         ‫والقضية يا ُقضايا‬
                                ‫بضمير المتكلم‪ ،‬منها قصيدة‬                 ‫بالمكايد والوشاية‬
                                              ‫«شقع بقع»‪:‬‬
   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209