Page 213 - merit 47
P. 213

‫الملف الثقـافي ‪2 1 1‬‬

     ‫َو َمن َتمي ٌم َو َمن َقي ٌس‬               ‫َقُ َتس َليوت ُف َأ ُهخما َك َو َش َّر َفت َك ِب َمق َع ِد‬
                         ‫َوإِخ َو ُت ُهم‬          ‫كما أنه لم يجهر بمعتقد‬
‫ِمن‬  ‫ال َلِ‬  ‫ِعن َد‬  ‫َلي َس ال َأعاري ُب‬
                     ‫َأ َح ِد‬                   ‫صادم كجهر بشار بن برد‬
‫َدع ذا َع ِدم ُت َك َواِش َربها ُم َعتَّ َق ًة‬
‫َصفرا َء ُتعنِ ُق َبي َن الما ِء َوال َز َب ِد‬                                   ‫بزندقته‪:‬‬

                                                ‫إبليس أفضل من أبيكم آدم‬

‫لقد كان أسلوب أبي العلاء‬                        ‫فتبينوا يا معشر الأشرار‬

‫يوجه قصيدته إلى استهداف‬                         ‫النار عنصره وآدم طينة‬

‫العموم‪ ،‬ويتجنب التخصيص‪،‬‬                         ‫والطين لا يسمو سمو النار‬

     ‫خلا ًفا لنصوص المتنبي‬                      ‫وهو أي ًضا لم يخرج على‬
                                                ‫الناس بتمرد كتمرد أبي‬
‫ودعبل وأبي نواس وبشار‪،‬‬
                                                     ‫نواس‪ ،‬وهو يتباهى بما‬
‫وإذا كان هجو أشخاص‬
                                                      ‫يصدم تقاليد المجتمع‪:‬‬
‫بعينهم سمة جانب كثير‬
                                                ‫دع عنك لومي فإن اللوم‬
‫من شعر هؤلاء‪ ،‬سواء كان‬
                                                                                    ‫إغراء‬
   ‫المهج ُّو حاك ًما أو وجيها‬
 ‫أو شاع ًرا مناف ًسا‪ ،‬فإن أبا‬                   ‫وداوني بالتي كانت هي‬
‫العلاء لم يهج أح ًدا قط‪ ،‬كما‬
                                                                                    ‫الداء‬

‫يقول فيما نقله عنه ياقوت‬                        ‫صفراء لا تنزل الأحزان‬

‫الحموي‪ ،‬لكن نبرة الهجاء‬                                                          ‫ساحتها‬

‫سافرة في لزومياته‪ ،‬فقد‬                          ‫إن مسها حجر مسته سراء‬

‫هجا الناس عمو ًما بمختلف‬                        ‫من كف ذات حر في زي ذي‬
   ‫أصنافهم وفئاتهم‪ ،‬لكن‬
                                                      ‫ذكر بها محبين لوطي‬

‫هجاءه كان ينكتب متناس ًجا‬                                                        ‫وزناء‬
‫بوعظياته‪ ،‬وفيما هو يجعل‬
                                                ‫أو يربط مثله الخروج على‬

     ‫نفسه من جملة جموع‬                               ‫التقاليد الفنية للقصيدة‬

‫المهجويين‪ ،‬يتخذ هجاؤه‬                                 ‫بالخروج على محاذير‬

‫أسلوب التوبيخ والتعنيف‪ ،‬أو‬                                                       ‫الدين‪:‬‬
                                                      ‫عا َج ال َش ِق ُّي َعلى رسم‬
‫السخرية والتهكم والتقبيح‪،‬‬                                          ‫يسائله‬

‫أو الاستهزاء والتسخيف‪،‬‬                          ‫َو ُعج ُت َأس َأ ُل َعن َخ ّما َر ِة‬

                     ‫فيقول‪:‬‬                                                         ‫ال َب َل ِد‬
                                                                                 ‫لا ُير ِق ُئ‬
     ‫كلاب تغاوت أو تعاوت‬                        ‫َبكى‬  ‫َمن‬  ‫َعي َني‬       ‫الَ ُل‬

                     ‫لجيفة‬

‫وأحسبني أصبحت الأمها‬                                                             ‫َح َج ًرا‬
                                                ‫َولا َشفى َوج َد َمن َيصبو‬
                     ‫كلبا‬                                                        ‫إِلى َو َت ِد‬

                     ‫أو يقول‪:‬‬                   ‫ِمن‬             ‫ِديا َر‬  ‫َذ َكر َت‬
‫أف لها أمنا الدنيا وأ ّف لنا‬
                                                     ‫ال َح ِّي‬                      ‫قالوا‬
‫بني الخسيسة أبناء الأخساء‬                                                           ‫َأ َس ٍد‬
                                                ‫لا َد َّر َد ُّر َك ُقل لي َمن َبنو‬
‫وبمثل ما كان هجاؤه وجود‬                                                             ‫َأ َس ِد‬

     ‫الناس من حيث مبدئه‪،‬‬
   208   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218