Page 222 - merit 47
P. 222

‫العـدد ‪47‬‬         ‫‪220‬‬

                                                                       ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬     ‫مما ترتب عليه محاصرة‬
                                                                                      ‫دنقل من جميع الاتجاهات‬
     ‫لكن خلفك عار العرب‬               ‫كامب ديفيد بمثابة ضربة‬                          ‫بسبب هذه القصيدة التي‬
               ‫لا تصال ْح‪..‬‬            ‫قوية داخل الذات العربية‬                      ‫فضحت حركة الاعتقال التي‬
                                        ‫بعد سنوات من المقاومة‬                       ‫شهدتها البلاد‪ ،‬وذلك بسبب‬
       ‫ولا تتو َّخ الهرب!(‪)14‬‬        ‫والحرب والعداءات‪ ،‬كما أن‬
    ‫علي جانب آخر‪ ،‬لم تكن‬              ‫فلسطين دولة عربية لا بد‬                                ‫مظاهرات الطلاب‪.‬‬
   ‫المدينة مكا ًنا ج َّذا ًبا يلجأ‬    ‫من استردادها‪ .‬إن احتلال‬                           ‫أ ُّيها الواقفون على حافة‬
‫إليه الشاعر ليحتمي به من‬               ‫إسرائيل لفلسطين ما هو‬
‫الأزمات التي تلاحق البلاد‬              ‫إلا استهانة بكرامة الأمة‬                                        ‫المذبحة‬
     ‫من حوله‪ ،‬بل اعتبرها‬               ‫وحقها‪ ،‬وانتهاك لصورة‬                                   ‫َأ ْش ِهروا الأسلحة!‬
   ‫مجرد صورة من الزيف‬                  ‫العدل الذي لن يكتمل إلا‬                        ‫سق َط المو ُت‪ ،‬وانفرط القل ُب‬
   ‫الذي يخطف الأنظار‪ .‬إن‬              ‫بتحرير الأرض المغتصبة‪.‬‬
    ‫«المتأمل في قصائد أمل‬                                                                            ‫كالمسبحة‬
 ‫دنقل يرى بوضوح علاقة‬                               ‫لا تصال ْح!‬                      ‫وال ّد ُم انساب فوق الوشا ْح!‬
  ‫جدلية مع المكان‪ /‬المدينة‬                 ‫ولو منحوك الذهب‪..‬‬
‫تبدأ بإصراره على المواجهة‪،‬‬                ‫أترى حين أفقأ عينيك‬                                  ‫المناز ُل أضرح ٌة‪،‬‬
   ‫على الرغم من إحساسه‬              ‫ثم أثبت جوهرتين مكانهما‪..‬‬                                ‫والزنازن أضرح ٌة‪،‬‬

     ‫‪-‬من خلال التجربة‪-‬‬                               ‫هل ترى؟‬                                  ‫والمدي‪ ..‬أضرحة‬
   ‫بالعجز‪ :‬عجز الانتصار‪،‬‬                 ‫هي أشياء لا تشترى‪..‬‬                                  ‫فارفعوا الأسلحة‬
                                     ‫ذكريات الطفولة بين أخيك‬
     ‫فيحقق المكان‪ /‬المدينة‬                                                                          ‫واتبعوني!‬
  ‫انتصاره عليه في مواضع‬                                ‫وبينك‪،‬‬                             ‫أنا ند ُم الغ ِد والبارحة‬
                                        ‫ح ُّسكما فجأ ًة بالرجول ِة‪،‬‬                  ‫رايتي‪ :‬عظمتان‪ ..‬وجمجم ٌة‪،‬‬
                 ‫عدة»(‪.)15‬‬
‫لقد اعتبر دنقل المدينة مكا ًنا‬            ‫هذا الحياء الذي يكبت‬                              ‫وشعاري‪ :‬الصبا ْح!‬
                                          ‫الشوق‪ ..‬حين تعان ُق ُه‪،‬‬                           ‫د ّق ِت الساع ُة المتعبة‬
 ‫للصراعات والتطاحن بين‬              ‫الصم ُت –مبتسمين‪ -‬لتأنيب‬
  ‫أفراد المجتمع الذي يطغي‬                                                                     ‫رفع ْت أ ُّم ُه الطيِّبة‬
                                               ‫أمكما‪ ..‬وكأنكما‬                                         ‫عي َنها‪..‬‬
     ‫عليه الجشع وسيطرة‬                        ‫ما تزالان طفلين!‬
   ‫النفوذ‪ ،‬وأصبح المال هو‬           ‫تلك الطمأنينة الأبدية بينكما‪:‬‬                       ‫دفعته كعو ُب البناد ِق في‬
  ‫القيمة العليا السائدة بعد‬                  ‫أ َّن سيفا ِن سي َف َك‪..‬‬                               ‫المركبة!(‪)13‬‬
   ‫أن طغت الملكية الفردية‪.‬‬                     ‫صوتا ِن صو َت َك‬
‫يتجلي هذا العهد الآتي سفر‬                                                              ‫من ناحية أخري لم يقف‬
                                                   ‫أنك إن م َّت‪:‬‬                      ‫أمل دنقل مكتوف اليدين‪،‬‬
                 ‫التكوين‪:‬‬                            ‫للبيت ر ٌّب‬                        ‫ويتقبل المصالحة مع تل‬
      ‫قل ُت‪ :‬فليكن الح ُب في‬                        ‫وللطفل أ ْب‬
     ‫الأرض‪ ،‬لكنه لم يكن!‬                                                                ‫أبيب‪ ،‬بل رفضها وأعلن‬
     ‫قل ُت‪ :‬فليذهب النه ُر في‬         ‫هل يصير دمي بين عينيك‬                           ‫رفضه للجميع دون تردد‪.‬‬
 ‫البح ُر‪ ،‬والبحر في السح ِب‪،‬‬                              ‫ما ًء؟‬                       ‫لقد أصبحت قصيدته «لا‬
      ‫والسحب في الجد ِب‪،‬‬                                                            ‫تصالح» هي قصيدة المواطن‬
 ‫والجد ُب في الخص ِب‪ ،‬ينبت‬                 ‫أتنسي ردائي المل َّط َخ‬
  ‫خب ًزا ليسن َد قلب الجياع‪،‬‬                          ‫بالدماء‪..‬‬                           ‫العربي من الخليج إلى‬
                                                                                    ‫المحيط بالرغم من محاصرة‬
            ‫وعشبًا لماشية‬                ‫تلبس فوق دمائي ثيا ًبا‬                     ‫النظام له‪ .‬لقد رفض التطبيع‬
‫الأرض‪ ،‬ظ ًّل لمن يتغر ُب في‬                   ‫مط َّر َز ًة بالقصب؟‬
                                                   ‫إنها الحر ُب!‬                         ‫واعتبار إسرائيل دولة‬
          ‫صحراء الشج ْن‪.‬‬                        ‫قد تثقل القل َب‪..‬‬                    ‫صديقة‪ ،‬بل هي العدو الذي‬
                                                                                    ‫لا بد وأن يواجهه كل عربي‬
                                                                                    ‫باستماته‪ .‬لقد كانت معاهدة‬
   217   218   219   220   221   222   223   224   225   226   227