Page 220 - merit 47
P. 220

‫العـدد ‪47‬‬         ‫‪218‬‬

                                                                  ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬    ‫طري ًقا نحو تشكيل متميز‬
                                                                               ‫تظهر فيه سماته واتجاهاته‬
  ‫وها أنا في ساعة الطعا ْن‬       ‫الناس الذين يعيشون في‬                          ‫وأهدافه وأحلامه‪ .‬وهذا ما‬
  ‫ساع َة أن تخاذل الكما ُة‪..‬‬   ‫ذل وضنك بينما تذهب كل‬                           ‫يذكره الأستاذ سامي خشبة‬
                                ‫الخيرات إلى السادة الذين‬                         ‫«لقد كان أمل دنقل شاع ًرا‬
      ‫والرما ُة‪ ..‬والفرسا ْن‬   ‫يتنصلون من المسؤولية في‬                         ‫متمر ًدا حيث أثقلته التجارب‬
           ‫ُدعيت للميدان!‬     ‫الشدائد‪ ،‬في حين يقف عنترة‬
                                                                                   ‫التي مر بها بالمسؤولية‪،‬‬
     ‫أنا الذي ما ذق ُت لح َم‬     ‫للدفاع عن الأرض‪« .‬فهو‬                               ‫والتفرد‪ ،‬والقدرة على‬
                 ‫الضأن‪..‬‬         ‫هنا لا يتحدث عن عنترة‪،‬‬
                              ‫وإنما يتحدث من خلاله‪ ،‬ولا‬                         ‫مواجهة الآخر‪ .‬لقد انعكس‬
    ‫أنا الذي لا حو َل لي أو‬   ‫يعبر عن هذا البعد من أبعاد‬                       ‫هذا على قصائده التي يمكن‬
                  ‫شأن‪..‬‬       ‫شخصيته وإنما يعبر به عن‬
                                ‫جانب من جوانب تجربته‬                               ‫اعتبارها تطو ًرا عصر ًّيا‬
      ‫أنا الذي أقصيت عن‬         ‫هو المعاصرة الخاصة»(‪.)9‬‬                           ‫لشعر وتقاليد الصعاليك‬
          ‫مجالس الفتيان‪،‬‬                                                        ‫والفتاك العرب ‪-‬الجاهليين‬
                                      ‫أيتها النبية المقدسة‪.‬‬                     ‫والإسلاميين على السواء‪-‬‬
 ‫أدعي إلى الموت‪ ..‬ولم أدع‬      ‫لا تسكتي‪ ..‬فقد َس َك ُّت َس َن ًة‬                  ‫أو تجسي ًدا عمليًا لشعراء‬
         ‫إلى المجالسة(‪!!)10‬‬                                                     ‫الصعلكة الحديثة‪ ،‬والرفض‬
                                                  ‫َف َس َن ًة‪.‬‬                   ‫الغربي‪ ،‬المحدثون لا يشك‬
      ‫ومن الملاحظ أن أمل‬           ‫لكي أنال فضلة الأما ْن‬                       ‫أحدهم في أن أمل كان يبدو‬
  ‫دنقل لم يستخدم شعره‬                                                            ‫في هذه القصائد بعي ًدا كل‬
                                       ‫قيل ل َي «اخر ْس»‪..‬‬                      ‫البعد عن المفهوم القائل إن‬
     ‫لمدح السلطات أو ذكر‬              ‫فخرس ُت‪ ..‬وعميت‪..‬‬                         ‫الشاعر هو صوت الجماعة‬
 ‫سنوات العزة والانتصار‪،‬‬              ‫وائتمم ُت بالخصيان!‬                       ‫أو لسان القبيلة أو الأمة»(‪.)8‬‬
  ‫بل س َّخر قصائده لإبراز‬           ‫ظلل ُت في عبيد (عبس)‬                        ‫يستخدم دنقل الشخصيات‬
                                                                               ‫التراثية كي ينقل أفكاره من‬
   ‫السلبيات على الرغم من‬                 ‫أحرس القطعان‬                           ‫خلالها‪ ،‬حيث حفزه الواقع‬
 ‫أن خمسينيات وستينيات‬                     ‫أجت ُّز صو َفها‪..‬‬                     ‫المحبط والمقلق من حوله إلى‬

     ‫القرن العشرين كانت‬                      ‫أر ُّد نوقها‪..‬‬                              ‫الكتابة معب ًرا عن‬
    ‫تعج بالأحداث الهامة‪.‬‬           ‫أنام في حظائر النسيان‬                                    ‫رفضه له عن‬
                                 ‫طعام َي‪ :‬الكسر ُة‪ ..‬والما ُء‪..‬‬
       ‫فقد انتصرت مصر‬            ‫وبعض الثمرات اليابسة‪.‬‬                                    ‫طريق استدعائه‬
   ‫على العدوان الثلاثي في‬                                                                ‫لهذه الشخصيات‬
  ‫‪ 1956‬بالإضافة إلى قيام‬                                                                ‫التراثية‪ .‬يستدعي‬
‫الجمهورية العربية المتحدة‪،‬‬
  ‫والتي دعمت الترابط بين‬                                                                     ‫دنقل كل من‬
                                                                                          ‫شخصية عنترة‬
                                                                                           ‫وزرقاء اليمامة‬
                                                                                        ‫في قصيدة «البكاء‬
                                                                                           ‫بين يدي زرقاء‬
                                                                                          ‫اليمامة» ليعكس‬

                                                                                            ‫خلالها موقف‬
                                                                                              ‫الأغلبية من‬
   215   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225