Page 231 - merit 47
P. 231

‫‪229‬‬            ‫الملف الثقـافي‬

‫ت َر َك اللّ ُّص لنا ملحو َظ ًة‬                    ‫حذاءه ليكون قرينه‬              ‫إلى حتفه لسيطرة الإقطاعي‬
               ‫َفو َق ال َحصي ْر‬               ‫بالتحدي واتخاذ الثورية‬                ‫على كيانه‪ ،‬ولكن الثورية‬
                   ‫فيها‪:‬‬         ‫جا َء‬
               ‫ال ّ ُل الأمي ْر‬  ‫َل َع َن‬        ‫الرافضة للجور طري ًقا‬           ‫الغاضبة في الخارج الشعري‬
‫ن ْس ِر َق ُه‬  ‫َي َد ْع شيئًا لنا‬   ‫ل ْم‬   ‫للنجاة‪ ،‬فالصلابة والتضييق‬               ‫تأخذ منحى تبصرة الناس‬
               ‫إل َاّ ال ّشخي ْر!”‬  ‫‪..‬‬                                                ‫بمصائرهم إذا ما قبلوا‬
                                                ‫والقتامة صفات ألبسها‬                 ‫أ ْن يكونوا كالغنم ضمن‬
‫ثان ًيا‪ُ :‬هوي ُة ال َّذات‬                    ‫للحذاء‪ ،‬ولكنَّها ُمتجذرة في‬           ‫قطيع الحاكم‪ ،‬وهذه إشارة‬
                                                                                    ‫تحفيزية للنهوض بالهمم‬
  ‫تتشكل كينونة ال َّذات عبر‬                    ‫قلب ذلك الحاكم الجائر‪،‬‬             ‫وربط الأحزمة للتخلص من‬
     ‫سلسلة من المخاضات‬                         ‫م َّما يعني ُطغيان السياق‬           ‫الجور المفروض عليهم‪ ،‬لذا‬
    ‫الفكرية والمعرفية التي‬                     ‫المقامي وتعاليه على نح ٍو‬            ‫نجح أحمد مطر في فضح‬
                                               ‫لاف ٍت للنظر‪ ،‬وج َّر المُتلقي‬
‫تتجذر في الوعي الشخصي‬                         ‫إلى نقطة الفصل الحاسمة‬             ‫السيادة الزائفة أو ًل‪ ،‬وتوعية‬
  ‫كفلسفة خاصة لا شائبة‬                      ‫التي اقترنت بانتفاضة كعب‬              ‫الشعب بضرورة عدم قبول‬
       ‫فيها‪ ،‬فهي في دوامة‬                                                        ‫الإهانة الدائمة كما الغنم التي‬
 ‫ُمتسارعة لهضم مفاهيمها‬                         ‫الحذاء لعدم رضاه بما‬
   ‫الخاصة وتوجيهها نحو‬                     ‫يسمع‪ ،‬وص َّحح مسار الدلالة‬                 ‫ُتساق بيد راعيها ثانيًا‪.‬‬
      ‫المسارات التي تريد‪،‬‬                                                              ‫و ُيق ِّدم في موضع آخر‬
    ‫ولكنَّها تتعرض بمرور‬                     ‫من خلال بيان حقه بالمدح‬             ‫صورة أشد وطأة من الأولى‬
                                              ‫لا الشتم‪ ،‬وفي هذه إشارة‬            ‫بحق الحاكم الجائر‪ ،‬فالحذاء‬
 ‫الزمن إلى تراكمات معرفية‬                      ‫علنية إلى النخبة الثورية‬             ‫ينتفض ولا يقبل الشتائم‬
   ‫خارجية تصقلها وتزيل‬                     ‫بالصحوة من السبات العميق‬                ‫عندما يسمع أ َّن الشاعر قد‬
  ‫عنها المتص ِّدأ من الأفكار‪،‬‬               ‫واتخاذ ما يلزم من التدابير‬               ‫شبهه بالحاكم‪ ،‬ورفضه‬
      ‫وهذا يعني صراعها‬                     ‫لنيل الحرية‪ ،‬وما نيل حذاؤه‬            ‫جاء لسبب عدم اقترافه ذنب‬
   ‫المُستديم مع المُستجدات‬                   ‫لشرف الحرية وعدم قبول‬               ‫الجرائم‪ ،‬أي قذارته ورائحته‬
                                              ‫تشبيهه بالحاكم إ َّل شحذ‬           ‫النتنة أطهر من قذارة الحاكم‬
‫والأحداث لتأخذ ما ُيناسبها‬                                                         ‫المُلطخة يده بالقتل‪ ،‬وتمثل‬
 ‫وتترك ما يضرها بحسب‬                                           ‫للهمم‪.‬‬
     ‫نمو القناعات واكتمال‬                  ‫وهناك ُنصوص كثيرة اعتمد‬                           ‫هذا في قوله(‪:)9‬‬
   ‫الذروة الفلسفية‪ ،‬عندها‬                  ‫فيها أحمد مطر على التجسيد‬                       ‫جل ُد ِحذائي يابس‬
   ‫ُتصبح ذا ًتا ُمتم ِّرسة على‬                                                            ‫بط ُن ِحذائي ضيِّق‬
      ‫المُتغيرات ومتمترسة‬                         ‫والتشخيص والسرد‬                           ‫لو ُن ِحذائي قا ِتم‬
    ‫خلف جدران صلبة من‬                       ‫القصصي والدراما لإيصال‬                     ‫أشع ُر بي كأ َّنني ألبس‬
  ‫المفاهيم والأيديولوجيات‬
 ‫التي تؤهلها لخوض غمار‬                          ‫صوته‪ ،‬ولم يترك منف ًذا‬                          ‫قل َب الحاكم‬
    ‫تحريك الذهنية؛ وتس ُّيد‬                  ‫شعبيًّا أو ساق ًطا أو سوقيًّا‬                ‫يعلُو صرير كعبه‪:‬‬
  ‫المشهد؛ وإعلان القناعات؛‬                 ‫إ َّل وظفه وأفاد منه للنيل من‬                   ‫ُق ْل غيرها يا ظالم‬
     ‫والبدء بتنفيذ البرامج‬                    ‫المُستب ِّدين‪ ،‬حتَّى أ َّن اللِّص‬   ‫ليس لهذا الشيء قلب ُمطل ًقا‬
  ‫التي من شأنها الإصلاح‬                    ‫تذ َّمر من هذا الواقع وأصبح‬                 ‫أما أنا فليس لي جرائم‬
  ‫والتجديد‪ ،‬وفي ضوء هذه‬
 ‫الفلسفة كانت لأحمد مطر‬                        ‫ُمصل ًحا و ُمنبِّها للآخرين‬                   ‫بأي شرعة إذن‬
                                            ‫بأ َّن الحاكم سرق كل شيء‬                           ‫ُيمدح باسمي‬
                                            ‫ولم يبق لنا سوى الشخير‪،‬‬
                                              ‫في دلالة صريحة على نوم‬                   ‫وأنا أستقبل الشتائم؟‬
                                                                                      ‫فالشاعر هنا ُيشخصن‬
                                               ‫الشعوب وتخدير عقولها‬
                                            ‫بالشعارات والآراء الفاسدة‪،‬‬

                                               ‫وهذا واضح في قوله(‪:)10‬‬
   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235   236