Page 229 - merit 47
P. 229

‫‪227‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

         ‫جاء في مطلعها(‪:)7‬‬           ‫ُمفادها أ َّن من ُيوصف‬    ‫نصيبها من التهكم وال ُّسخرية‬
  ‫إ ْن كان الغرب هو الحامي‬      ‫بالغباء ر ُّبما لأمر ما تعرض‬   ‫بألوان شتى‪ ،‬ليصحو من ُيريد‬
                               ‫له وأخذ عليه هذا المأخذ‪ ،‬أي‬      ‫الصحوة على مآثرها الخادعة‬
      ‫فلماذا نبتاع سلاحه؟‬      ‫هو طارئ‪ ،‬ولكن صفة الغباء‬
     ‫وإذا كان عد ًوا شر ًسا‬                                        ‫ووعودها الكاذبة‪ ،‬بل هي‬
    ‫فلماذا ندخله الساحة؟!‬          ‫هي لصيقة بمن ُيوصف‬             ‫أعمق من ذلك عندما اختزل‬
                                    ‫بها على الدوام‪ ،‬فالغباء‬       ‫وجودها بجرعة غباء وهذا‬
        ‫ثيم ُة النص تنبج ُس‬        ‫لصيق بأمريكا وشعبها‪،‬‬
   ‫منها اشتراطات ُمؤدلجة‬          ‫وهذا ُيدلل على أن الرؤية‬                ‫واضح في قوله(‪:)6‬‬
   ‫بالقصدية تسعى لسحب‬             ‫النخبوية بلباسها الثوري‬                 ‫شع ُب أمريكا غبي‬
                                 ‫ترفض الهيمنة والاستعلاء‬                 ‫ُك َّف عن هذا ال ُهراء‪.‬‬
        ‫الفكر لمنطقة الوعي‬       ‫والخضوع للسيادة العالمية‬
     ‫والصحوة‪ ،‬وقد تشكل‬                                                        ‫لا تدع للحقد‬
                                      ‫المُمثلة بأمريكا راعية‬            ‫أ ْن يبلغ ح َّد الافتراء‪.‬‬
       ‫السياق المقامي عبر‬      ‫الإرهاب وطمس ال ُهويات‪ .‬لذا‬          ‫قل بهذا الشعب ما شئت‬
      ‫الشرطية التي ألزمت‬       ‫نجح الشاعر في توليد توليفة‬              ‫ولكن لا ت ُقل عنه غبيًّا‬
   ‫القارىء بإعادة حساباته‬
      ‫في ضوء المُعادلة التي‬         ‫ُلغوية ُمتجانسة جعلت‬                      ‫أيقولون غبيًّا‬
  ‫وضعت بين يديه‪ ،‬فهو في‬            ‫السياق المقامي بجوهره‬                           ‫للغباء؟!‬
   ‫الحالين خاس ٌر لا محالة‪،‬‬       ‫الفكري الاجتماعي يتسيَّد‬
   ‫فالغرب بادعائه الحماية‬        ‫على المشهد ويقلب موازين‬            ‫يتكىء أحمد مطر في هذه‬
 ‫ونشر السلام ونبذ التفرقة‬           ‫المفاهيم المُتعلقة بالقطب‬      ‫القصيدة على بؤرة مقامية‬
‫والتع ُّكز على حقوق الإنسان‬        ‫الأوحد الذي يسيطر على‬          ‫واحدة تتش َّظى إلى جزئيات‬
 ‫غطاء آمن ُيبعدنا عن شراء‬                                        ‫دلالية لا قيمة لها‪ ،‬واستعان‬
     ‫أسلحته‪ ،‬فم َّمن نخاف‬                          ‫العالم‪.‬‬      ‫بأسلوب الذم بما يشبه المدح‬
 ‫ونخشى إن كانوا حلفاءنا؟‬              ‫ولمحور الشر وسلب‬            ‫ليزيد من استمالة الجمهور‬
‫وإ ْن صرحوا ب ُمعادتنا فلماذا‬        ‫الإرادات ُثلاثية خلاقة‬
‫إ ًذا نتبع أوامرهم ونسيِّدهم‬      ‫للفوضى و ُمؤمنة بفحوى‬              ‫نحو ما يقصد من جهة‪،‬‬
      ‫علينا؟ وهذان تياران‬           ‫مشاريعها الاستبدادية‪،‬‬        ‫ولتضمين الصورة إشارات‬
  ‫يضعانا في مأزق الاعتماد‬        ‫ولا خيار لها سوى التعالي‬      ‫ُمكثفة من شأنها تعرية أمريكا‬
    ‫عليهم وزيادة خزينتهم‬          ‫والتضاد مع من لا يسير‬          ‫من جهة ثانية‪ ،‬فالحوار ين ُّم‬
 ‫بعد شراء الأسلحة باهضة‬        ‫على نهجها أو يبتعد عن رهن‬
    ‫الثمن‪ ،‬وكذلك في مأزق‬       ‫إشارتها‪ ،‬فكأن الغرب بر َّمته‬         ‫عن دفاعه عن أمريكا ولا‬
‫التبعية والعداء‪ ،‬وفي النتيجة‬     ‫ُثلاثية ُمتجانسة مع أمريكا‬    ‫يسمح لمُحاوره بوصف شعبها‬
    ‫خراب الأوطان وتو ُّجع‬       ‫وإسرائيل للنيل من أوطاننا‬
   ‫الشعوب‪ ،‬فالشاعر ح َّرك‬          ‫و ُمحاولة إذلال شعوبها‪،‬‬        ‫بالغبي‪ ،‬وهذا تلا ُعب لغوي‬
    ‫نوازع الثورية النخبوية‬            ‫وعليه تح َّركت نوازع‬      ‫ُمبرمج لحصر الذهنية باتجاه‬
 ‫ووجهها نحو التفكر بالمآل‬        ‫النخبوية الثورية في عقلية‬      ‫معاكس لما هو مطلوب‪ ،‬فكيف‬
  ‫في ظ ِّل الفكرتين الآنفتين‪،‬‬     ‫الشاعر أحمد مطر لتمطر‬
      ‫ونجح بالمقام المُتصل‬        ‫الغرب بواب ٍل من القذائف‬          ‫للشاعر ُمجادلة محاوره‬
  ‫بالذهنية الواعية ودرايتها‬    ‫اللُّغوية التي تكشف حقيقتهم‬           ‫وزجره على وصفه غير‬
  ‫بالألاعيب من جعل وحدة‬        ‫المُزيفة‪ ،‬وجاء توظيف ذلك في‬       ‫الدقيق‪ ،‬إ َّل أن تداعي الأفكار‬
‫الموضوع ُمتماسكة لتما ُسك‬       ‫قصيدة ديوان المسائل التي‬           ‫بسرعة تكشف عن البؤرة‬
                                                               ‫السوداء التي تتجمع حولها ما‬
                                                                ‫ُيماثلها‪ ،‬فهم شعب ليس غبيًّا‬
                                                                ‫ولا ُيمكن إطلاق هذا الوصف‬
                                                                  ‫بحقهم بل هم الغباء نفسه‪،‬‬
                                                                  ‫وهذه دلالة مقامية ُمتواترة‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234