Page 238 - merit 47
P. 238

‫العـدد ‪47‬‬         ‫‪236‬‬

                                                             ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬     ‫الخمر وما في الكأس من‬
                                                                                              ‫السم‬
‫يا ريل صيح ابقهر صيحة‬             ‫أرض الواقع عاشها آمنًا‬
                  ‫عشگ‬             ‫مطمئنًا في قصائده‪ ،‬فهو‬                  ‫أقسمت بتاريخ الجوع ويوم‬
                                                                                             ‫السغبة‬
   ‫ياريل هودر هواهم ولك‬             ‫يتمتع بأقصى درجات‬
     ‫وحدر السنابل گطه‬          ‫الحرية التي يمكن أن يحظى‬                       ‫لن يبقى عربي واحد إن‬
                                                                             ‫بقيت حالتنا هذي الحالة‬
   ‫تلك الرقة المتناهية التي‬     ‫بها شاعر عربي ه َّجاء‪ ،‬لذا‬
   ‫تميز شعره العامي كله‬         ‫ظلت قصائده تدور بنشوة‬                           ‫بين حكومات الكسبة‬
   ‫يقابلها احتدام وصخب‬                                                       ‫القدس عروس عروبتكم‬
   ‫كبير في شعره الفصيح‪،‬‬             ‫احتراق مختلفة في كل‬                      ‫فالعبارات النارية هنا قد‬
   ‫على الرغم من أن الشعر‬       ‫قراءة جديدة‪ ،‬على الرغم من‬                     ‫تبدو مباشرة ج ًّدا‪ ،‬ولكن‬
   ‫العامي كان المفترض أن‬                                                   ‫تأملها ضمن سياق الحدث‬
   ‫يكون هو الأكثر صخبًا‬           ‫مباشرتها كما قلنا‪ ،‬لأنها‬
                                  ‫في كل مرة تستفز أجيا ًل‬                        ‫المجايل خارج النص‬
       ‫لأنه الأكثر قر ًبا من‬       ‫جديدة وتكشط من على‬                       ‫الشعري سنجدها عبارات‬
 ‫الجماهير‪ ،‬وله القدرة على‬      ‫قلوبهم رغوة الخوف والقلق‬
                               ‫والتوجس‪ ،‬فتكون شعريتها‬                         ‫شعرية ج ًّدا وبعيدة عن‬
    ‫الانتشار بشكل أوسع‪،‬‬            ‫منطلقة من هذا التحاور‬                  ‫الهتافات‪ ،‬على الرغم من أنها‬
     ‫ولكن مظفر اختار أن‬                                                   ‫بعيدة عن الانزياح الشعري‬
                                                  ‫الدائم‪:‬‬                  ‫والتأويل‪ ،‬ولكن ‪-‬وهذا من‬
  ‫يكون مختل ًفا‪ ،‬فقد و َّظف‬          ‫هل أرض هذي الكرة‬
    ‫اتجاهه العامي توظي ًفا‬          ‫الأرضية أم وكر ذئاب‬                       ‫عظمة شعر النواب‪ -‬أن‬
                                ‫ماذا يدعى القصف الأممي‬                        ‫الوضع خارج النص لا‬
  ‫جماليًّا خال ًصا بينما جاء‬                                                 ‫يزال كما وقت القصيدة‪،‬‬
   ‫الفصيح ليكون هوالمعبِّر‬                    ‫على هانوي‬                    ‫لذا تظل القصيدة متشابكة‬
 ‫عن الموقف والقضية التي‬            ‫ماذا يدعي سمة العصر‬                    ‫مع المتلقي‪ ،‬وتأخذ شعريتها‬
‫عاش من أجلها‪ ،‬وهذا الأمر‬          ‫وتعريص الطرق السلمية‬                       ‫ومشروعيتها دائ ًما منه‪:‬‬
    ‫يعيدنا إلى السؤال المهم‬    ‫مظفر هنا يبدو وكأنه يكتب‬                      ‫القدس عروس عروبتكم‬
‫(أين ينتهي السياسي ويبدأ‬        ‫عنوانات لمواضيع صحفية‪،‬‬                    ‫فلماذا أدخلتم كل زناة الليل‬
  ‫الشعري؟)‪ ،‬والحقيقة أن‬          ‫فالجمل بعيدة عن البلاغة‬
    ‫السياسي هنا مشروع‬              ‫التي يبحث عنها الشعر‬                                ‫إلى حجرتها؟‬
  ‫شعري عند مظفر النواب‬         ‫ومتلقيه‪ ،‬وبعيدة عن الغنائية‬                    ‫ووقفتم تستمعون وراء‬
 ‫لا ينتهي أب ًدا‪ ،‬لأنه باق في‬                                                ‫الباب لصرخات بكارتها‬
  ‫النص في أي لمحة تأويل‪،‬‬             ‫التي يحفل بها شعره‬                       ‫وسحبتم كل خناجركم‬
   ‫سواء في الشعر العامي‬           ‫العامي‪ ،‬حتى أن المقارنة‬
‫المترع بالرقة والرومانسية‬        ‫دائ ًما ما بين مظفر العامي‬                          ‫وتنافختم شر ًفا‬
‫أو في شعره الفصيح الذي‬         ‫ومظفر الفصيح قد توصلنا‬                       ‫وصرختم فيها أن تسكت‬
   ‫يتميز بالحدة والصخب‬          ‫إلى نتائج تتطلب الكثير من‬
   ‫اللفظي‪ ،‬لذا يمكن القول‬        ‫التأمل حول فهمه لطبيعة‬                               ‫صو ًنا للعرض‬
                                  ‫الشعر ودوره في الحياة‪،‬‬                    ‫إن (السياسي) في الشعر‬
     ‫بكثير من الموضوعية‬           ‫ففي نص عامي شهير له‬                         ‫لا ينتهي أب ًدا لأن عملية‬
       ‫إن تجربته الشعرية‬                                                    ‫التلقي مستمرة‪ ،‬ولا يمكن‬
 ‫تجربة مائزة وتضاف إلى‬                             ‫يقول‪:‬‬                     ‫أن تتوقف على الرغم من‬
  ‫الشعر العربي‪ ،‬وأسهمت‬              ‫مرينا بيكم حمد واحنا‬
    ‫في تطويره ودفعه نحو‬                                                         ‫مباشرة الخطاب‪ ،‬لأن‬
                                              ‫بقطار الليل‬                  ‫الجرأة التي تمتع بها مظفر‬
           ‫ضفاف جديدة‬                ‫واسمعنا دگ اگهوه‬
                                                                            ‫وجعلته يعيش مشر ًدا في‬
                                       ‫وشمينا ريحة هيل‬
   233   234   235   236   237   238   239   240   241   242   243