Page 253 - merit 47
P. 253

‫‪251‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫حوار‬

        ‫الشيخ حسن العطار‬                       ‫إبراهيم عيسى‬              ‫غير مستنقع تاريخي آسن وراكد‪.‬‬
                                                                         ‫وليست جماعات الأصولية الدينية‬
‫المجتمع الحديث والدولة الحديثة‪.‬‬      ‫المسألة كلها لها علاقة بالطبيعة‬
   ‫نحن حتى اليوم لا نزال نكرر‬       ‫غير الشاملة وغير المنظمة وغير‬            ‫والسياسية والفكرية غير هذا‬
    ‫التاريخ لأننا لا نزال بعقولنا‬                                             ‫الهاموش الذي يتكاثر بكثافة‬
                 ‫غاطسين فيه‪.‬‬              ‫المقصودة وغير المؤسسية‬         ‫طبيعية ويكتسب عدوانيته المؤذية‬
                                   ‫لحداثتنا الفكرية والثقافية‪ .‬وليس‬           ‫من ركود وأسن المستنعقات‪.‬‬
 ‫كتابات متعددة ترى أن‬                                                          ‫نحن دائ ًما في حاجة للعودة‬
   ‫مصر واقعة بين ثلاث‬                   ‫لها أي علاقة بأننا متدينون‬
  ‫مدارس دينية راسخة‪:‬‬                ‫أعمق من غيرنا أو أننا «متدينون‬               ‫لجذور تأسيسنا الفكري‬
  ‫الوهابية في السعودية‪،‬‬              ‫بالفطرة» حسب التعبير الشائع‬           ‫والمجتمعي والحضاري الحديث‬
‫والحنفية في تركيا‪ ،‬بينما‬            ‫الذي يستحق السخرية والرثاء‪.‬‬
‫مصر تدور في تلك المراكز‬                                                        ‫الذي ابتدأ مع صدمة لقاءنا‬
‫دون أن يكون لها تأثير‪..‬‬                 ‫فالمصريون بشر مثل البشر‬          ‫بالحملة الفرنسية‪ .‬هنالك في رأيي‬
  ‫أو ًل‪ :‬هل توافق على هذا‬             ‫الآخرين وحاجتهم الدينية هي‬
‫الرأي؟ وثان ًيا‪ :‬ما السبب‬           ‫نفس حاجة البشر الآخرين‪ .‬لكن‬               ‫نستطيع أن نكتشف الحقائق‬
  ‫في الحالتين‪ ،‬مع وجود‬               ‫علاقتنا بالدين وهويتنا الدينية‬           ‫المستقرة الصادمة والمفسرة‬
  ‫الأزهر كمؤسسة عريقة‬                ‫(بالأشمل والأدق الثقافية) هي‬            ‫لظواهر واقعنا بطريقة أسهل‬
    ‫يقول المصريون عنها‬              ‫التي لا تزال مضطربة ومشوهة‬            ‫بكثير من استخلاصها في مجرى‬
                                      ‫بحكم طبيعة التأسيس ومسار‬             ‫الحاضر سريع التغير‪ .‬وسوف‬
     ‫كلا ًما كبي ًرا مثل أنها‬          ‫التحديث‪ .‬وليس توهمنا بأننا‬           ‫نرى مث ًل أن أسس بناء محمد‬
 ‫حامية الإسلام ومفرخة‬              ‫متدينون أكثر من غيرنا إلا تبري ًرا‬      ‫علي باشا الكبير للدولة المصرية‬
                                    ‫أيديولوجيًّا مزي ًفا‪ .‬بينما الحقيقة‬       ‫الحديثة ‪-‬والذي كان السياق‬
                                       ‫أننا عاجزون عن إنتاج علاقة‬            ‫والمنطلق التحديثي لكل مرافق‬
                                                                             ‫ومناحي المجتمع المصري‪ -‬لم‬
                                       ‫“طبيعية” أي ملائمة لطبيعة‬         ‫يكن ذاك البناء والتحديث يتضمن‬
                                       ‫وأوضاع ومعارف وتطورات‬               ‫بأي شكل أي تصور لضرورات‬
                                                                           ‫وحتميات تحديث الفكر والثقافة‬
                                                                              ‫المجتمعية ومن ضمنها الفكر‬
                                                                          ‫الديني‪ .‬وما جرى من تحديث في‬
                                                                            ‫البناء الفكري والثقافي المصري‬
                                                                              ‫أتى كمجرد عرض جانبي أو‬
                                                                             ‫كنتيجة هامشية لوعي المثقف‬

                                                                                                  ‫الفرد‪.‬‬
                                                                             ‫ولنتذكر هنا جدنا خالد الذكر‬
                                                                             ‫حسن العطار الذي زج تلميذه‬
                                                                             ‫ورائد الفكر والتنوير المصري‬
                                                                             ‫رفاعة الطهطاوي في بعثة من‬
                                                                            ‫بعثات الباشا لفرنسا‪ .‬ولنتذكر‬
                                                                         ‫علي باشا مبارك الذي قاده الشقاء‬

                                                                               ‫والتمرد في صباه إلى إدراك‬
                                                                         ‫حاجاته وحاجات مجتمعه للتجديد‬

                                                                             ‫الفكري والثقافي‪ .‬والنتيجة أن‬
   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258