Page 258 - merit 47
P. 258
المخلصين لنظام مبارك نبرة العـدد 47 256
مريرة جوهرها الإحساس بنكران
نوفمبر ٢٠٢2 وتعددية المجتمع التركي ،أي
الجميل ،ومفادها :كل حلفائك قتله والإجهاز عليه وإخراجه من
باعوك يا ريتشارد! ثانية اعتبرها المسيحيون
فرصة لبناء وترميم التاريخ!
واستمرا ًرا على خط مصارحة الكنائس ..لماذا فشلت اما عن الحركة الليبرالية
الذات -أو الجلاسنوست بالتعبير الثورة في رأيك؟ -واليسارية أي ًضا -فهي جزء من
الجورباتشوفي -ماذا كان ينتظر بنية ونسيج مجتمعنا ،ويعاني
لنكون أوفياء للواقع يجب أن كل منهما من نفس مرض
ثوار ٢٥يناير من ثورة انطلقت نقول إن الإسلاميين أفشلوا مجتمعنا الثقافي العميق ،ويمكن
في يومها الحاسم ( ٢٨يناير) من الثورة مرحليًّا كما أنه سبق لهم أن نسميه في أحسن حالاته
إنجاحها مرحليًّا .في لحظة ٢٥ «شيزوفرينيا التمزق الثقافي”،
المساجد أكثر مما حدث بالفعل. يناير الفارقة انقسم الإسلاميون فما نسميه سياسيًّا «تيا ًرا مدنيًّا”
أبدى الشاعر السوري «أدونيس» قسمين :قسم نزل للشارع بين بكل تنوعاته لا يزال منقس ًما
الثوار وجماهير الثورة مثل على ذاته ويعيش بهوية فكرية
أيامها تلك الملاحظة الثاقبة الإخوان وبعض الجهاديين ممزقة ما بين أصوليته الثقافية
واستهتر بها المصريون في نشوة وأسبغوا عليها -في مرحلة الماضوية الموروثة ومقولاته
ما -بعض سماتهم ووقائعها ومبادئه السياسية ذات الأسس
إحساسهم الكاذب بالظفر. العنيفة .والقسم الثاني وقف الفكرية والمعرفية المجتمعية
كمصريين سواء كنا مسلمين أو مكتوف الأيدي لا إلى هؤلاء ولا الحديثة ،وبلغة المشاغبة الفكرية
إلى هؤلاء مثل السلفيين وبعض كذلك عندما يتجرأ الليبراليون
مسيحيين -يجب ان نعترف- وأنصار الدولة المدنية على مفاتحة
فإن مصابنا العميق جمي ًعا يكمن الجهاديين أي ًضا .لولا ذلك الجماهير في شأن فصل الدين
في ازدواجيتنا الفكرية وفي نفس -يعني لولا تخلي الإسلاميين عن الدولة -وهو مبدأ العلمانية
عن نظام مبارك لأسباب مختلفة الديموقراطي الحديث -يمكن
المرض ،شيزوفرينيا تمزقنا باختلاف فصائلهم -كان يمكن للمراقب منحهم تقيي ًما أفضل
الثقافي .فنحن مث ًل عندما نغني أن تشهد شوارع مصر مذابح
للدولة المدنية نقصد بها معنى واشتباكات أهلية .البعض يندهش بعض الشيء!
يختلف تما ًما عن معنى الدولة من سيناريو كهذا ويعتبرونه
تخيليًّا وهم واهمون تما ًما ،لأن كثيرون –أنا منهم-
الحديثة كما وصل إليه تطور الإخوان لو كانوا وطدوا صفقة يتصورون أن (الحالة
الدولة الحديثة في كل دول العالم! توريث جيدة وموثوق فيها مع
أي أننا نعني بها كائنًا خرافيًّا لا نظام مبارك ،ولو لم يكونوا قد الدينية) في مصر:
يوجد ولم يسبق له أن وجد أب ًدا عقدوا صفقتهم الأمريكية السرية إسلامية ومسيحية على
في التاريخ البشري .دولتنا المدنية -التي كشفت فيما بعد – لكان هذا السواء ،هي التي أفشلت
معجزة كاملة ومستحيلة التحقيق السيناريو هو الوحيد المرجح .في
حالة فشل الشرطة في مواجهة ثورة 25يناير ،2011
لأنها ليست من الواقع .فليس المد الجماهيري في ٢٥يناير فلم مرحل ًّيا على الأقل ،فمن
من دولة مدنية في الحاضر وفي يكن أمام النظام سوى الاستعانة ناحية قفز الإسلاميون
المستقبل تتنكر لمبدأ المواطنة كاملة من القطار مبك ًرا وذهبوا
بحلفائه الإسلاميين الذين للتفاوض على الغنيمة مع
المساواة ومكتملة الحقوق بين لم يجدهم إلى جانبه في وقت عمر سليمان ،ومن ناحية
المواطنين على اختلافاتهم الدينية شدته .وهو ما كسا تصريحات
والجنسية والطبقية والثقافية
والعرقية ..إلخ ،ثم تبقى بعد ذلك
محتفظة بمسماها دولة مدنية.
هذا الصدع الشيزوفيريني بين
ماضينا الديني وحاضرنا المدني
من التقنين للممارسة .فالدولة