Page 260 - merit 47
P. 260

‫كيف ترى فرص عودة‬                ‫الحركة الليبرالية جزء من بنية ونسيج‬
‫جماعة الإخوان المسلمين‪،‬‬               ‫مجتمعنا‪ ،‬يعاني من نفس مرض‬

       ‫والإسلام السياسي‬            ‫مجتمعنا الثقافي العميق‪ ،‬ويمكن أن‬
      ‫عمو ًما‪ ،‬إلى التركيبة‬        ‫نسميه في أحسن حالاته "شيزوفرينيا‬
   ‫السياسية والاجتماعية‬             ‫التمزق الثقافي"‪ ،‬فما نسميه سياس ًّيا‬
   ‫في مصر‪ ،‬في ضوء فشل‬
 ‫السلطة الحالية في إدارة‬              ‫"تياًرا مدن ًّيا" بكل تنوعاته لا يزال‬
‫كثير من الملفات والأزمات‪،‬‬            ‫منقس ًما على ذاته ويعيش بهوية‬
  ‫مثل سد النهضة وتيران‬             ‫فكرية ممزقة ما بين أصوليته الثقافية‬
       ‫وصنافير‪ ،‬وأبرزها‬            ‫الماضوية الموروثة ومقولاته ومبادئه‬
 ‫الملف الاقتصادي المرشح‬
   ‫للانفجار في أي لحظة؟‬                ‫السياسية ذات الأسس الفكرية‬
                                       ‫والمعرفية المجتمعية الحديثة!‬
  ‫لا يمكنني ‪-‬من حيث المبدأ‪ -‬أن‬
  ‫أسلم بما يسميه معارضو نظام‬        ‫تستلم زمام قيادة دولة ومجتمع‬        ‫لكن كل تلك المبررات لا يمكنها‬
‫يونيو ‪ ٢٠١٣‬فش ًل‪ .‬فهناك الكثير‬     ‫كالمجتمع المصري لتديره بأساليب‬    ‫أن تفسر سقوط الجماعة السريع‬
‫من العناصر التي لم يسلم الواقع‬
 ‫بحسم لها‪ ،‬والأسئلة التي تنتظر‬       ‫الولاء للمرشد والسمع والطاعة‬        ‫والمدوي في حكم مصر‪ .‬هناك‬
   ‫الإجابات قبل الوصول لنتيجة‬        ‫وتعقيم العقل وتكميم الاختلاف‬    ‫أسباب أعمق ترتبط بطبيعة الدولة‬
   ‫الفشل‪ .‬في سد النهضة مث ًل لا‬    ‫لأن الإخوة الكبار يرون ويعلمون‬    ‫المصرية وتركيب المجتمع والثقافة‬
  ‫يمكن التسليم في ضوء معطيات‬
 ‫الملف المعقدة بحدوث فشل‪ ،‬اللهم‬                           ‫افضل؟!‬       ‫المصرية‪ ،‬وهي مسائل لا تعتني‬
   ‫إلا بشكل سطحي ساذج‪ ،‬كأن‬           ‫وكل ما سبق يمكنني اختصاره‬       ‫الجماعة إطلاقا بدراستها وفهمها‬
                                   ‫بعبارة واحدة وهي “فاشية الفكر‬      ‫واستيعابها‪ ،‬وتظن بسذاجة أنها‬
    ‫نقول مث ًل إنه طالما تكرر ملء‬  ‫والممارسة على كل المستويات”‪ ،‬لا‬
  ‫خزان سد النهضة حتى وصلنا‬           ‫يجب أن ننسى لحظة واحدة أن‬           ‫تستطيع مع ذلك أن تهضمها‬
   ‫للملء الثالث دون توقيع اتفاق‬      ‫الكلمة الأخيرة والوزن الأهم في‬  ‫بكل بساطة‪ ،‬أي أن تلتهم المجتمع‬
   ‫فنحن إذن فاشلون! والسذاجة‬       ‫فكر وممارسة الإسلام السياسي‬
  ‫هاهنا صارخة في إهمال حقيقة‬                                                ‫وتهضم الدولة في تمثيلها‬
‫أن المعيار الوحيد للنجاح والفشل‬         ‫هو لفاشية الجماعة المقدسة‬      ‫الغذائي المرتبط بعمليات القولبة‬
 ‫هو الضرر الذي يحتمل أن يلحق‬         ‫التي لم يكن الظرف الداخلي ولا‬
 ‫بحصتنا من المياه‪ ،‬وهو ضرر لم‬                                            ‫والاستنساخ الإخواني‪ .‬هناك‬
                                          ‫الخارجي ملائ ًما لتسلطها‪.‬‬  ‫كذلك أسباب أعمق ترتبط بطبيعة‬
                    ‫يقع بالفعل‪.‬‬                                       ‫الأيديولوجية الإخوانيه وبطبيعة‬
   ‫نفس المعنى ينطبق على مقولة‬            ‫ثمة أمر آخر يرتبط‬
                                        ‫بالسؤالين السابقين‪:‬‬             ‫الإسلام السياسي بوجه عام‪.‬‬
       ‫تعكس جه ًل فاح ًشا تقول‬                                          ‫فكيف ننتظر من جماعة مغلقة‬
    ‫إن ضرب السد في حالة ملئه‬                                           ‫على كوادرها ‪-‬وأسرهم!‪ -‬وهي‬
    ‫مستحيلة بينما الواقع هو أن‬
 ‫مصر والسودان لن يلجآ لضرب‬
   255   256   257   258   259   260   261   262   263   264   265