Page 264 - merit 47
P. 264

‫العـدد ‪47‬‬                          ‫‪262‬‬

                                   ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬

 ‫الذي تعلم على يد علماء البصرة‬     ‫في الصراع التحولي بين الإيقاعات‬      ‫يضاف إليها ويحذف منها وفق‬
   ‫حتى صار من ألمع علماء اللغة‬      ‫المختلفة والمحددة سل ًفا‪ :‬ايقاعات‬   ‫ضرورات الزمان والمكان‪ ،‬فهي‬
  ‫العربية‪ .‬وضع الحريري ‪-‬الذي‬              ‫العمل‪ ،‬الايقاعات الطبيعية‬    ‫فن مكتوب سل ًفا‪ ،‬ظاهره الدرس‬
      ‫عاش بين القرنين الخامس‬        ‫لفسيولوجيا الجسد‪ ،‬والايقاعات‬       ‫البلاغي وباطنه تسجيل أو إعادة‬
                                                       ‫الاجتماعية‪.‬‬
 ‫والسادس هجر ًّيا (الحادي عشر‬       ‫ونختصر القول في أصل المقامة‪،‬‬           ‫إنتاج الحياة اليومية بطريقة‬
   ‫والثاني عشر ميلاد ًّيا) أي بعد‬        ‫كفن عربي خالص‪ ،‬ليس له‬         ‫الأدب‪ .‬ومصطلح الحياة اليومية‬
                                   ‫مقابل في اللغات الأخرى‪ ،‬أسسها‬       ‫هنا لا يعني محاكاة الواقع مثلما‬
‫قرن تقريبًا من رحيل الهمذاني‪-‬‬       ‫وابتكرها بديع الزمان الهمذاني‪،‬‬
       ‫خمسين مقامة تدور حول‬             ‫متأث ًرا على الأرجح بالجاحظ‬        ‫قال أرسطو لكنه يعني وفق‬
                                      ‫(القرن التاسع الميلادي) وابن‬        ‫هنري لوڤيڤر‪ :‬الحياة اليومية‬
    ‫ابتزاز المال بالحيلة (الكدية‪/‬‬     ‫دريد (القرن العاشر)‪ .‬ثم جاء‬         ‫التقاطع بين الحقيقة والوهم‪،‬‬
    ‫التسول) من خلال مغامرات‬              ‫بعد الهمذاني من قلده‪ ،‬لكن‬       ‫بين القوة والعجز‪ ،‬القاطع بين‬
‫تدور في بلدان مختلفة من أصقاع‬           ‫أكثرهم براعة كان الحريري‬          ‫ما يتحكم فيه الإنسان وما لا‬
     ‫الدولة الإسلامية‪ ،‬بطلها أبي‬                                         ‫يتحكم فيه‪ .‬الحياة اليومية هي‬
 ‫زيد السروجي ويرويها الحارث‬                                            ‫المكان الذي والزمان الذي يحدث‬
  ‫بن همام‪ .‬من بين هذه المقامات‬
    ‫المقامة التي أوقفتني‪ ،‬وتحمل‬
  ‫رقم (‪ )٣٩‬في النسخة المحفوظة‬
   259   260   261   262   263   264   265   266   267   268   269