Page 269 - merit 47
P. 269

‫‪267‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫فنون‬

‫لوحة ولادتي للفنانة فريدا كالهو‬                                                ‫ويعرفه الأطباء المتخصصون‬
                                                                             ‫في أمراض النساء والتوليد‪ .‬لكن‬
 ‫المعتمدة على الطبيعة‪ ،‬أن الأنثوية‬    ‫الفن الأوروبي‪ ،‬تصوي ًرا وكتابة‪،‬‬
  ‫كان محت ًفى بها‪ ،‬ويتم تمجيدها‬      ‫لكن مشهد الولادة نفسه لم يظهر‬             ‫الغريب أن حضارات الأبيض‬
   ‫كأساس بارز للخصوبة‪ .‬ومع‬            ‫تقريبًا في فنون الأبيض المتوسط‬         ‫المتوسط القديمة‪ ،‬التي لم تخجل‬

     ‫تقدم الثقافة‪ ،‬وفرت الحرف‬             ‫قبل المسيحية إلا ناد ًرا ج ًّدا‪.‬‬    ‫مطل ًقا من رسم ونحت الجسد‬
‫والتجارة نو ًعا من تركيز الموارد‪،‬‬        ‫لماذا؟ ترى الباحثة أمل بورتر‬          ‫العاري‪ ،‬بما في ذلك الأوضاع‬
                                      ‫التي أشرت اليها ساب ًقا أن امرأة‬
    ‫أعطى الفرصة للرجل للتحرر‬             ‫تلد هو موضوع حساس‪ ،‬فما‬                  ‫الجنسية‪ ،‬بعضها إيروتيكي‬
     ‫من نزوات الطبيعة‪ ،‬أو إعاقة‬         ‫هو المقصود بالحساسية هنا؟‬               ‫حالم وبعضها كتأسيس فج‬
‫الجغرافيا‪ .‬وكلما تراجعت الطبيعة‬          ‫وحساس بالنسبة لمن‪ :‬الرجل‬             ‫للبورونجرافي الحديث‪ ،‬صمتت‬
   ‫خطوة واحدة عن المشهد‪ ،‬كلما‬            ‫أم المرأة؟ وما هو مصدر هذه‬         ‫تقريبًا عن مشهد الولادة المهبلية‬
  ‫تقهقرت أهمية الأنثوية‪ .‬وتقول‬            ‫الحساسية؟ يبدو أن النشأة‬             ‫للجنين‪ ،‬حتى في الكتب الطبية‬
   ‫أي ًضا‪ :‬لقد كانت المرأة معبودة‬         ‫الذكورية لحضارات الأبيض‬            ‫القديمة‪ .‬وبالكاد نعثر على نحت‬
     ‫لسحر البطن‪ .‬فقد بدت وهي‬          ‫المتوسط‪ ،‬في شرقه وغربه‪ ،‬كانت‬          ‫روماني بارز يسجل هذا المشهد‪.‬‬
‫تنتفخ وتلد‪ ،‬وفق قانونها الخاص‪.‬‬         ‫عم ًل ضد الطبيعة‪ ،‬الطبيعة التي‬          ‫والقول بأن الإيمان المسيحي‪،‬‬
     ‫ومنذ بداية الزمن بدت المرأة‬     ‫لم تحتف بالرجل فأعطاها ظهره‪.‬‬           ‫وانشغال الفنانين برسم قصص‬
     ‫مخلو ًقا غريبًا وغام ًضا‪ ،‬وقد‬   ‫وكما تقول كاميليا بايلي في كتابها‬      ‫الكتاب المقدس‪ ،‬وحياة القديسين‪،‬‬
  ‫أجلَّها الرجل‪ ،‬لكنه خافها أي ًضا‪.‬‬  ‫الكبير «أقنعة جنسية»‪ :‬كان توحد‬          ‫مع الحرص على تغطية الجسد‪،‬‬
  ‫فقد كانت الفك المظلم الذي لفظ‬      ‫المرأة مع الطبيعة توح ًدا شام ًل في‬     ‫مسؤول عن إغفال مشهد كهذا‪،‬‬
 ‫الرجل خارجه‪ ،‬وسيعود ليبتلعه‬           ‫عصور ما قبل التاريخ‪ ،‬إذا نجد‬             ‫هو قول صحيح نسبيًّا فقط‪،‬‬
 ‫من جديد‪ .‬اخترع الرجال الثقافة‬         ‫في مجتمعات الصيد‪ ،‬أو الزراعة‬         ‫لأن هذا الانشغال ربما يكون قد‬
     ‫كدفاع ضد الطبيعة الأنثوية‪،‬‬                                                ‫ساهم بالفعل في تأخر دخول‬
                                                                            ‫تفاصيل الحياة اليومية إلى دائرة‬
   264   265   266   267   268   269   270   271   272   273   274