Page 271 - merit 47
P. 271
269 ثقافات وفنون
فنون
بممارسة الاحتيال .فهل كانت إلى تعسر الولادة فقط ،بل يشير الموضوع مخجل أو مثير ،بل
الولادة عملية فسيولوجية سهلة، أي ًضا إلى الحضور والاهتمام مجرد حدث طبيعي ،تشريح
الفعلي من قبل المحيطين ،كأن
والعسر هنا استثناء ،يجعل من المرأة صحيح ،والمبالغة في
تسجيل الواقعة ،كتابة ورس ًما، فعل الولادة نفسه طقس احتفالي، حجمها والتأكيد على التكورات
لا يهم المرأة التي تلد وحدها ،بل ملائم تما ًما لحال المرأة الحبلى
حد ًثا استثنائيًّا يخص طبيعة يهم الجميع .وهو العكس تما ًما في ساعات الولادة ،وربما يذكرنا
الفن في البحث عن المفارق في لوحة فريدة كالهو (ولادتي). بتماثيل الآلهة الأم في العصور
التي تصور امرأة وحيدة تماما، البدائية ،ووضعية الولادة نفسها
والغريب؟ هل كانت الولادة في كانت وما زالت مستخدمة في
مركز العالم -من وجهة نظر في حجرة فقيرة ،لحائطها لون الكثير من البلاد العربية .وفي
طبية متخصصة -أسهل منها سماء رمادية كأنها سقف واطئ الوقت نفسه لم يغب الوالي -أو
في الأطراف؟ يقول العلم الحديث للعزلة ،على الحائط صورة كأنها الرجل /الزوج -ومساعدوه عن
إن حوض المرأة في شمال الكرة المشهد ،وحضور المبخرة في يد
صورة لرأس عذراء الأحزان الجارية أو الوصيفة ،والقابلة بين
الأرضية يأخذ شكل بيضة وقد شاخت ،وتحتها رسمت أمها فخذيها ،فكل هذا ربما لا يشير
نائمة ،وبالتالي أوسع من حوض وهي تلدها ،تغطي نصف جسدها
المرأة في جنوبها والذي يمثل العلوي ووجها ،كأنها تخفي
بيضة واقفة ،واتساع الحوض شخصية المرأة التي تلد ،فيقول
مفسرون إنها تشير إلى موت أمها
يجعل الولادة أسهل .فهل قبل وقت قليل من رسم اللوحة،
لعبت الفسيولوجيا المتعسرة في يتدلى رأس طفل (فريدة كالهو
حضارات المايا والأزيتيك دو ًرا
في وفرة التماثيل التي تستنجد نفسها) من بين فخذيها ،كأن
بالآلهة لتسهيل الولادة؟ أعتقد جسمه الصغير عالق بين السماء
أن الولادة لم تكن قط عملية الشاحبة والسرير .تشبه كثي ًرا
بيولوجية سهلة ،فنسبة كبيرة تمثال المرأة التي تلد في منحوتة
من الولادات عسرة ،بل وتحمل المايا ،كأنها تصرخ وعلى وجهها
قد ًرا كبي ًرا من الخطر على الأم
والطفل على حد سواء .العسر تعبير طافح بالوجع .ويقول
ليس استثنا ًء وليس قاعدة أي ًضا، آخرون إنها تغطي وجهها نفسه،
فكل الولادات مؤلمة ،وتسجيل وليس وجه أمها ،وتسجل ولادة
طفلها ميتًا .وسواء كانت أمها أو
الحدث فنيًّا ،كان ناد ًرا حتى
شيوع آلة التصوير والكاميرا كانت هي ،كما اعتادت أن تفعل
في الكثير من لوحاتها ،إلا أنها
في عصرنا الحديث ،رغم أن هنا كانت تستعير من الماضي
التصوير يأتي غالبًا بشكل جانبي البعيد تعويذة تؤرخ للألم العظيم
في حياتها كامرأة حرمت من
لا يظهر فرج المرأة وهي تدفع الإنجاب ،فعاشت ورسمت نفسها
بجنينها إلى الحياة ،كأن الإنسان
بكل ما تملك من جرأة ومن
تخلص -إلا قلي ًل -من خوفه غضب.
القديم :فهل تراجعت الطبيعة الأم
عن حضورها؟ أم أن التكنولوجيا في الختام نجد أن حبكة المقامة
تنطلق من عسر الولادة كحدث
الحديثة وجهت لها ضربة
حاسمة ،لكنها لم تكن حاسمة بما مركزي ،يسمح للسروجي
يكفي للانتصار على قوة التابو؟